Gold Mining

ما نعرفه عن الذهب هو أنه معدن أصفر لامع لطالما سحر الملوك واللصوص والأشخاص العاديين على حد سواء وهو جزء مهم من حياتنا اليومية من خواتم الزفاف إلى الهواتف الذكية ولكن هناك جانب مظلم لذلك وهذه الصناعة التي حذر العلماء منها دائمًا وفي دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة Environmental Research Letters أشار ستيفن ليساك من جامعة كامبريدج وزملاؤه من الباحثين إلى أن تعدين الذهب هو أحد أكثر العمليات تدميرًا بيئيًا واجتماعيًا على هذا الكوكب وتنبعث من مناجم الذهب غازات الاحتباس الحراري التي تسبب الاحتباس الحراري أكثر من جميع رحلات الركاب بين الدول الأوروبية.

ويشير فريق البحث إلى أنه خلال عام واحد فقط من عمليات تعدين الذهب تنبعث من مناجمه غازات دفيئة تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة أكثر من جميع رحلات الركاب بين الدول الأوروبية مجتمعة وإلى جانب ذلك يؤدي تعدين الذهب إلى تدمير البيئة حيث تحدث إزالة الغابات خاصة في المناطق المدارية وبالتالي يقل التنوع البيولوجي العالمي وكذلك تلوث المياه والهواء والتربة من خلال إطلاق مواد كيميائية سامة وبحسب دراسة أجريت عام 2012 يمثل تعدين الذهب سبب إزالة الغابات بنسبة 7٪ من الغابات في الدول النامية وقد حدثت زيادة ملحوظة مؤخرًا في معدلات إزالة الغابات من أجل البحث عن الذهب خاصة في منطقة الأمازون والغرب وأفريقيا.

وينتج تعدين الذهب 38٪ من انبعاثات الزئبق العالمية السنوية ووفقًا لـ Lisak ورفاقه فإن هذا جزء من المشكلة حيث يُصدر تعدين الذهب أيضًا 38٪ من انبعاثات الزئبق العالمية السنوية مما يتسبب في معاناة الملايين من عمال المناجم من التسمم المزمن بالزئبق والذي يمكن أن يسبب أمراضًا متعددة تبدأ من الضعف العام و لا تنتهي بالاكتئاب والقلق وكانت عدة دراسات سابقة قد أشارت بالفعل إلى أن المشكلات الصحية التي يعاني منها عمال مناجم الذهب بشكل جماعي تؤدي إلى انخفاض متوسط ​​العمر المتوقع خاصة مع الملاحظات التي تضمنت زيادة معدل الإصابة بسرطان القصبة الهوائية والشعب الهوائية والرئة والمعدة والكبد وكذلك زيادة في وتيرة مرض السل الرئوي وبعض الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل حمى الضنك والملاريا .

وفي هذا السياق يشير تقرير الإنتربول (المنظمة الدولية للشرطة الجنائية) الصادر في أبريل 2022 إلى أن تحليلًا جديدًا لاتجاهات الجريمة العالمية قد أشار إلى تورط واضح للمجرمين المنظمين في تعدين الذهب غير المشروع وبحسب بيان الإنتربول فإن هؤلاء المجرمين استغلوا الارتفاع الأخير في أسعار الذهب مما أعطى المستثمرين انطباعًا بأنه استثمار آمن وقدر تقييم الإنتربول أن التعدين غير القانوني للذهب يمثل ما يصل إلى 48 مليار دولار سنويًا ويمكن إنهاء تعدين الذهب والاعتماد كليًا على الذهب المعاد تدويره.

وفي دراستهم قدم Lisak وزملاؤه حلاً لهذه المشكلات حيث قاموا بتحليل مكثف لعمليات استخراج الذهب ودورة السوق واستنتجوا أنه يمكن إنهاء تعدين الذهب والاعتماد كليًا على الذهب المعاد تدويره بدلاً من ذلك وأشار إلى أن ما يقرب من ربع الطلب السنوي على الذهب يتم توفيره بالفعل من خلال إعادة التدوير وهي عملية آمنة تمامًا وعلى البيئة والعاملين وإلى جانب ذلك يرى هذا الفريق من خلال نموذج حسابي طوروه أن الذهب المستخدم للأغراض الصناعية والطبية يمكن حفظه لعدة قرون حتى لو توقف تعدين الذهب على الفور.

وأما بالنسبة للاستخدامات المتعلقة بإنتاج المجوهرات فتشير الدراسة إلى أن استخدام الذهب المعاد تدويره سيكفي بزيادة معدلات إعادة التدوير وبالإضافة إلى تكامل المعادن الأخرى مع الذهب في المجوهرات التي يتم إنتاجها ومن المرجح أن يستمر الدور الذي يلعبه الذهب في الاقتصاد العالمي بشكل طبيعي ولا يضر بالمستثمرين أو الموظفين أو المستهلكين ويقترح الفريق في سياق الأزمات البيئية والمناخية الحالية اتخاذ قرارات على المستوى العالمي لبدء خطة واسعة لوقف عمليات استخراج الذهب مع الحاجة إلى تعويض المناطق التي أصبح سكانها يعتمدون على الذهب بشكل كامل والتعدين وتوفير وظائف بديلة لهم.