
Pandemic
يدق الخبراء ناقوس الخطر بشأن احتمال انتشار جائحة فطرية، وهي الفكرة التي كانت في السابق من نسج الخيال العلمي، ومع زيادة حرائق الغابات وتسارع تغير المناخ، تظهر الفطريات كتهديد صحي كبير، وقادر على التسبب في انتشار الأمراض وعواقب كارثية محتملة على البشرية.
ويحذر الدكتور مارتن هونيجل، الخبير في مسببات الأمراض الفطرية في الجامعة الطبية في جراتس، من أن الجمع بين حرائق الغابات وتغير المناخ يخلق ظروفًا مواتية لتفشي الفطريات، ويمكن أن تحمل سحب الدخان من حرائق الغابات، مثل تلك الموجودة في كاليفورنيا، جراثيم فطرية، مما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالعدوى، وعلى سبيل المثال، ارتفعت حالات حمى الوادي، وهو مرض فطري، بنسبة 20٪ بين عامي 2014 و 2018 بسبب الحرائق في المنطقة، وسلط حريق غابات حديث في باسيفيك باليساديس، مدفوعًا بالرياح القوية، الضوء على الخطر المستمر حيث أُجبر الآلاف على الإخلاء.
كما تعمل درجات الحرارة العالمية المرتفعة بسبب تغير المناخ على تمكين الفطريات من التكيف مع الظروف الأكثر دفئًا، وإن هذا التكيف يزيد من قدرتها على البقاء في أجسام البشر، حيث يمكن أن تسبب التهابات شديدة، وتشير الدراسات إلى أن الفطريات، التي كانت مقتصرة في السابق على مناطق محددة، تعمل الآن على توسيع نطاقاتها، مما يشكل تهديدات جديدة لصحة الإنسان، وتشير التوقعات إلى أن معدل الإصابة بحمى الوادي في الولايات المتحدة قد يتضاعف بحلول عام 2100 بسبب عوامل المناخ مثل الجفاف والفيضانات، والتي تخلق ظروفًا مواتية لانتشار الفطريات المسببة للأمراض.
ويمكن أن تصيب الفطريات البشر من خلال استنشاق الجراثيم أو من خلال الجروح، مما يؤدي غالبًا إلى التهابات مدمرة في الأعضاء الحيوية مثل الرئتين أو الدماغ، ويمكن أن تسبب هذه الالتهابات مضاعفات شديدة، وفي بعض الحالات، الموت، والمناطق التي تشهد تغيرًا مناخيًا شديدًا معرضة للخطر بشكل خاص، حيث أصبحت الالتهابات الفطرية مثل "الفطر الأسود" خطيرة بشكل متزايد.
وأحد أكثر الفطريات إثارة للقلق هو المبيضات أوريس، والتي ظهرت كتهديد صحي عالمي منذ تم التعرف عليها لأول مرة في اليابان في عام 2009، وقد انتشرت منذ ذلك الحين إلى بلدان متعددة، بما في ذلك فنزويلا والهند، وما يجعل المبيضات أوريس مثيرة للقلق بشكل خاص هو مقاومتها القوية للعلاجات المضادة للفطريات، مما يجعل علاج العدوى أمرًا صعبًا، وصنفت منظمة الصحة العالمية فطريات المبيضات أوريس باعتبارها تهديدًا عاجلاً للصحة العامة نظرًا لقدرتها على الصمود والانتشار في البيئات المزدحمة مثل المستشفيات.
وفي حين تشكل العدوى الفطرية حاليًا أكبر خطر على الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، فإن قدرة الفطريات على التكيف بسبب تغير المناخ قد تجعلها تشكل تهديدًا أكثر أهمية للسكان على نطاق أوسع، وإن ارتفاع درجات الحرارة وأنماط المناخ المتغيرة تمكن الفطريات من الازدهار في أجسام البشر، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى.
وإن الجمع بين تغير المناخ وزيادة حرائق الغابات ليس مجرد تهديد للنظم البيئية فحسب، بل إنه أيضًا مصدر قلق ملح للصحة العامة، ومع اكتساب الفطريات مثل المبيضات أوريس وحمى الوادي أرضية، يجب على البشرية الاستعداد لمستقبل حيث يمكن أن تصبح الأمراض الفطرية تحديًا واسع النطاق ومميتًا.