كشف العلماء مؤخرا عن كاميرا رائدة تحاكي الخصائص البيولوجية الفريدة لعين الحشرات، ويمكن لهذا الجهاز الثوري التقاط الصور في ظلام دامس تقريبًا وتوثيق الحركات السريعة بشكل لا يصدق، مثل الخفقان السريع لأجنحة الفراشة، ومن خلال محاكاة القدرات البصرية المتقدمة الموجودة في رؤية الحشرات، حقق الباحثون نتائج ملحوظة في تكنولوجيا التصوير.

وتمتلك الحشرات عيونًا مركبة تتكون من وحدات بصرية عديدة، وتسمح لها هذه الوحدات بإدراك أشياء متعددة في وقت واحد ومعالجة الحركة بكفاءة غير عادية، حتى في ظروف الإضاءة الخافتة، وتتضمن الآلية تراكم الضوء ودمج الإشارات بمرور الوقت، مما يمكن الحشرات من تحديد اتجاه وسرعة الحركة بدقة، وكانت هذه الخاصية البيولوجية الرائعة بمثابة مصدر إلهام لتطوير الكاميرا الجديدة.

ويستخدم الاختراع، الذي أشرف عليه الأستاذان كي هونغ تشونغ ومين إتش كيم، قنوات بصرية متعددة تعمل بالتوازي لتكرار الطريقة التي ترى بها الحشرات، وتلتقط الكاميرا إطارات من فترات زمنية مختلفة وتراكم الضوء، مما يعزز بشكل كبير من وضوح الصورة في بيئات الإضاءة المنخفضة، وقد أدى هذا النهج المبتكر إلى ابتكار جهاز يتفوق على الكاميرات التقليدية عالية السرعة في عدة جوانب رئيسية.

ومن أكثر الميزات المثيرة للإعجاب في هذه الكاميرا الجديدة قدرتها على اكتشاف الأجسام التي تكون أضعف بأربعين مرة من تلك المرئية بواسطة الكاميرات الكلاسيكية عالية السرعة، وبالإضافة إلى ذلك، يمكنها تسجيل الحركات أسرع تسع مرات، بسرعة تصوير تبلغ 9120 إطارًا في الثانية، وذلك بفضل تقنية "فصل القنوات" المتقدمة.

وتعمل خوارزمية الترميم المدمجة في النظام على إزالة التشويش الناتج عن الحركة السريعة، مما يضمن صورًا حادة وواضحة، وعلى الرغم من قدراتها العالية الأداء، تظل الكاميرا صغيرة الحجم، حيث يقل سمكها عن مليمتر واحد، مما يجعلها مناسبة للدمج في أجهزة مختلفة.

وتتمتع هذه التقنية المبتكرة بإمكانية إحداث ثورة في التصوير في ظروف صعبة، ويمكن أن تكون ذات قيمة لا تقدر بثمن للأبحاث العلمية التي تتطلب توثيق العمليات السريعة للغاية أو لأنظمة المراقبة العاملة في بيئات الإضاءة المنخفضة، وتفتح قدرة الكاميرا الفائقة على محاكاة رؤية الحشرات إمكانيات جديدة في المجالات التي تتطلب التصوير الدقيق وعالي السرعة، مما يمثل تقدمًا كبيرًا في التكنولوجيا البصرية.