Clipper

عند الشروع في رحلة تاريخية في أكتوبر 2024، ستحمل المركبة الفضائية يوروبا كليبر التابعة لناسا رسالة فريدة محفورة على غلافها المعدني، وهذه الرسالة، هي احتفال بعلاقة الإنسانية بالمياه، تحيي تقليداً طويل الأمد لإرسال التحيات إلى مساحة شاسعة من الفضاء عبر المهمات الفضائية.

وتضمن تصميم الرسالة جهداً تعاونياً بقيادة دوغلاس فاكوتش، رئيس منظمة المراسلة الدولية للاستخبارات خارج الأرض (METI)، وقام فاكوتش، بالتعاون مع اللغويين شيري ويلز جنسن ولورا بوسارد ويلشر، بصياغة رسالة تتجاوز حواجز اللغة بعناية، ليتم ارسالها في اكتوبر من هذا العام.

وتتضمن الرسالة تسجيلات صوتية لكلمة "ماء" المنطوقة بـ 103 لغات مختلفة، ومن ثم تم تحويل هذه التسجيلات إلى تمثيلات مرئية، مع حفر الموجات الصوتية الفريدة لكل لغة على اللوحة المعدنية للمركبة الفضائية، وتسمح هذه الطريقة المبتكرة حتى للكائنات التي تفوق الفهم البشري بفهم مفهوم الماء من خلال تمثيله البصري.

والتركيز على الماء ليس من قبيل الصدفة، ويعتبر الماء ضروريا للحياة كما نعرفها، وإن بحث ناسا عن حياة خارج كوكب الأرض يعطي الأولوية للمواقع التي قد تتواجد فيها المياه، واوروبا هو قمر لكوكب المشتري يشتبه في أنه يضم محيطاً شاسعاً تحت سطحه الجليدي، مما يجعله مرشحاً رئيسياً في البحث عن حياة محتملة خارج الأرض.

ورسالة أوروبا كليبر ليست الأولى من نوعها، وهي تعتمد على التقليد الذي وضعه عالم الفلك كارل ساجان، وفي سبعينيات القرن الماضي، حملت مركبات بايونير الفضائية ألواحاً معدنية منقوش عليها معلومات وصور علمية أثناء رحلاتها إلى كوكب المشتري وزحل، وبالمثل، فإن بعثات فوييجر، التي انطلقت في عام 1977، غامرت أكثر فحملت سجلات نحاسية مطلية بالذهب تحتوي على دروس تعليمية، وتحيات بـ 55 لغة، وموسيقى، وأصوات الأرض، وحتى الصور.

وتمثل اللغات الـ 103 المضمنة في رسالة كليبر النسيج الغني للتواصل البشري على الأرض، وقام فاكوتش، بالاعتماد على خبرته في علم اللغة النفسي، بتحليل التسجيلات الصوتية لالتقاط جوهر كل كلمة منطوقة، ووتضمن هذه العملية الدقيقة أن تجسد الرسالة تنوع اللغة البشرية والعواطف المرتبطة بكلمة "ماء".

ومن خلال إرسال هذه الرسالة، تأمل وكالة الفضاء الامريكية "ناسا" في إثارة محادثة، حتى لو كانت عبر مسافات شاسعة وربما عبر آلاف السنين، وتعمل مركبة الفضاء يوروبا كليبر كرسول، يحمل جزءاً من قصة الإنسانية إلى الكون، في انتظار أن يكتشفها أي شخص أو أي شخص قد يستمع.