Virus

عندما نفكر في الحيوانات والفيروسات، غالباً ما تقفز عقولنا إلى الفئران والخفافيش وغيرها من المخلوقات التي نميل إلى تصنيفها على أنها حاملة للأمراض، ومع ذلك، فقد قلبت الأبحاث الحديثة هذا الافتراض رأساً على عقب، وكشفت أن البشر هم في الواقع مساهمون رئيسيون في انتشار الفيروس بين الحيوانات.

وكشف تحليل شامل للجينومات الفيروسية، أن البشر ينقل ما يقرب من ضعف عدد الفيروسات التي نتلقاها إلى الحيوانات الأليفة والبرية، ويتحدى هذا الاكتشاف الحكمة التقليدية ويلقي الضوء على الشبكة المعقدة لانتقال الفيروس بين الأنواع، ويؤكد سيدريك تان، عالم الوراثة من جامعة كوليدج لندن، على أهمية فهم كيفية تطور الفيروسات للقفز بين مضيفين مختلفين، وهذه المعرفة ضرورية للتنبؤ ومنع ظهور أمراض فيروسية جديدة في كل من البشر والحيوانات.

وفحصت الدراسة 32 عائلة فيروسية وحددت تلك القادرة على إصابة البشر، والمثير للدهشة أن 64% من هذه الفيروسات نشأت من البشر وانتشرت إلى حيوانات أخرى فيما يسميه العلماء بالعدوى البشرية، ويمكن أن يعزى هذا المعدل المرتفع لانتقال العدوى إلى الحجم السكاني الكبير والتوزيع العالمي للبشر، مما يوفر للفيروسات فرصاً كبيرة لتخطي حواجز الأنواع.

وعلاوة على ذلك، تؤدي الأنشطة البشرية إلى تفاقم انتشار الفيروسات عن طريق تغيير الموائل، والتسبب في إجهاد الحياة البرية، وخلق الظروف المواتية لانتقال الفيروس، وهذا لا يشكل مخاوف بيئية فحسب، بل يشكل أيضاً خطراً صحياً عالمياً كبيراً على البشر والحيوانات أيضاً.

وإحدى العواقب المثيرة للقلق لانتشار الفيروس الذي يقوده الإنسان هي احتمال ترسيخ الفيروسات نفسها في مضيفات حيوانية جديدة، مما يشكل تهديدات مستمرة حتى لو تم القضاء عليها بين البشر، وقد سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على تداعيات مثل هذه الأحداث التسرب الفيروسي، مما أثر على مجموعات الحياة البرية مثل الغزلان البرية والمنك.

والأنواع المهددة بالانقراض معرضة بشكل خاص للإصابة بالعدوى البشرية، مما يثير تساؤلات أخلاقية حول تطعيم الحياة البرية لمنع تفشي الأمراض، وفي حين أن البشر يلعبون دوراً مركزياً في انتقال الفيروس، فمن الضروري أن ندرك أن 81% من قفزات المضيف المحددة في الدراسة لا تشمل البشر، وهذا يسلط الضوء على الشبكة المعقدة للتبادل الفيروسي بين الأنواع الحيوانية المختلفة.

وعلى الرغم من التنوع الكبير للفيروسات الحيوانية، فمن المعروف أن جزءاً صغيراً فقط منها يسبب العدوى البشرية، ومع ذلك، كما أظهر فيروس كوفيد-19، فإن انتشار فيروس واحد يمكن أن يكون له عواقب مدمرة، وللتخفيف من الأحداث الحيوانية المنشأ في المستقبل، حدد الباحثون السمات التي تشير إلى قدرة الفيروس على القفز بين الأنواع.

وتشمل هذه التغيرات الجينية والقدرة على استغلال مستقبلات الخلايا المضيفة المشتركة الموجودة في الأنواع الحيوانية المختلفة، وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى مراقبة ورصد شاملين لانتقال الفيروس من الإنسان إلى الحيوان لحماية صحة الإنسان والحيوان، ومن خلال فهم ومعالجة ديناميكيات انتشار الفيروس، يمكننا حماية أنفسنا والنظم البيئية المتنوعة التي نعيش فيها بشكل أفضل.