الخرف، وهو حالة تؤثر على الذاكرة والتفكير واللغة بسبب التغيرات في الدماغ، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة الفرد، وفي عصرنا الرقمي الحديث، ظهر مصطلح جديد: "الخرف الرقمي"، وصاغ هذا المصطلح عالم الأعصاب والطبيب النفسي الألماني مانفريد سبيتزر في عام 2012، وهو يصف النتيجة المحتملة للاستخدام المفرط للتكنولوجيا على القدرات المعرفية، وعلى الرغم من أنه ليس تشخيصاً طبياً، إلا أنه يشير إلى أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا قد يؤدي إلى أعراض تشبه أعراض الخرف.
ويشير الخرف الرقمي إلى تراجظع وظائف المخ الناتج عن سوء استخدام التكنولوجيا، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والإنترنت، ومع انتشار التكنولوجيا على نطاق واسع، وخاصة بين جيل الشباب، هناك قلق من أن الاعتماد على الأجهزة قد يقلل من القدرات الإدراكية حيث تؤدي هذه الأجهزة بشكل متزايد المهام التي تم تنفيذها عقلياً في السابق.
وبحثت دراسة نشرت في مجلة BMC Public Health Journal في عام 2023 العلاقة بين الأنشطة المستقرة القائمة على الشاشة وخطر الإصابة بالخرف، ووكشف البحث، الذي شمل 462.524 مشاركا، عن وجود صلة بين قضاء وقت مفرط أمام الشاشات وزيادة خطر الإصابة بأشكال مختلفة من الخرف، وعلاوة على ذلك، ارتبط وقت الشاشة الطويل بالتغيرات الجسدية في مناطق معينة من الدماغ.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن تشخيص الخرف الرقمي بشكل نهائي، إلا أنه قد يظهر أعراضًا مشابهة للخرف التقليدي، وتشمل هذه الأعراض: صعوبة في الذاكرة قصيرة المدى، والنسيان أو سوء وضع العناصر، ويجد صعوبة في تذكر الكلمات، والتحديات في تعدد المهام، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم وقت الشاشة المفرط في اضطرابات النوم وتقلبات المزاج، مما يؤثر بشكل أكبر على الوظيفة الإدراكية.
إستراتيجيات الوقاية من مخاطر الخرف الرقمي :
1- الحد من وقت استخدام الشاشة: يعد وضع حدود لاستخدام الشاشة، خاصة للأطفال، أمراً بالغ الأهمية، ويمكن أن يساعد استخدام التطبيقات التي تقيد وقت الشاشة وتعيين مناطق خالية من الشاشات داخل المنازل في تنظيم استخدام التكنولوجيا.
2- ممارسة النشاط البدني: ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لا تفيد الصحة البدنية فحسب، بل تعزز أيضاً الصحة العقلية، ويؤدي الانخراط في الرياضة أو الأنشطة البدنية إلى إطلاق الناقلات العصبية المرتبطة بالسعادة، مما يوفر بديلاً أكثر صحة للإشباع الفوري الذي توفره الأجهزة الرقمية.
3- قراءة الكتب الورقية: إن اختيار الكتب ذات الغلاف الورقي التقليدي بدلاً من التنسيقات الرقمية يوفر راحة من التعرض المستمر للشاشة، مما يعزز التركيز والفهم بشكل أفضل.
4- التواصل الاجتماعي دون الاتصال بالإنترنت: يؤدي إعطاء الأولوية للتفاعلات وجهاً لوجه مع الأصدقاء والعائلة إلى تعزيز الاتصالات الحقيقية وتقليل الاعتماد على الاتصالات الرقمية، وإن بناء علاقات الحياة الواقعية يعزز السعادة ويساعد في إزالة السموم الرقمية.
5- تحدي الدماغ: تحفيز الدماغ بشكل فعال من خلال أنشطة حل المشكلات، بدلاً من الاعتماد فقط على الموارد الرقمية للحصول على المعلومات، يساعد في الحفاظ على الوظيفة الإدراكية.
6- ممارسة اليقظة الذهنية: إن التواجد في الوقت الحالي والانخراط في الأنشطة التي تعزز اليقظة الذهنية، مثل التأمل أو الهوايات، يمكن أن يقاوم الانحرافات التي تسببها الوسائط الرقمية ويعزز الوضوح العقلي.