في اكتشاف رائد، اكتشف فريق من علماء الآثار في إسبانيا ما قد يكون بقايا "إمبراطورية مخفية" تعود إلى العصر الروماني، ويكشف هذا الاكتشاف الرائع، الواقع في منطقة سييرا دي قادس، عن مدى وتأثير الحضارة الرومانية في منطقة كان يُعتقد سابقًا أنها أقل تطوراً خلال ذلك الوقت.
وبدأ المشروع، الذي بدأه علماء من جامعة قادس في عام 2023، بتوقعات متواضعة في الأصل، وكان هدف الفريق تحديد موقع مستوطنة رومانية واحدة داخل منطقة سييرا دي قادس، وهي منطقة معروفة بتضاريسها الوعرة وأهميتها التاريخية، ومع ذلك، فإن ما وجدوه تجاوز توقعاتهم بكثير، وصدم اكتشاف 57 موقعاً رومانياً قديماً، كل منها "بطبيعة غير مسبوقة"، الباحثين وأشار إلى وجود شبكة معقدة من المستوطنات التي ربما شكلت جزءاً من مجال روماني أكبر ومترابط.
ويُعتقد أن هذه المستوطنات كانت مرتبطة بطرق التجارة والاتصالات، وخاصة على طول نهر جواداليت، الذي يتدفق عبر مناطق رئيسية مثل أركوس دي لا فرونتيرا، وبورنوس، وفيلامارتين، وبويرتو سيرانو، ومن المرجح أن القرب من النهر سهّل التجارة والحركة، مما جعل هذه المواقع ذات أهمية استراتيجية أثناء توسع الإمبراطورية الرومانية في شبه الجزيرة الأيبيرية، ويشير الاكتشاف إلى وجود روماني منظم جيداً وربما مزدهر في المنطقة، والذي ظل مخفياً لقرون.
ولاكتشاف هذه المواقع، استخدم الفريق تقنيات متقدمة، بما في ذلك الرادار الجيولوجي، الذي يرسل نبضات الرادار تحت الأرض للكشف عن الهياكل والأشياء المدفونة، وسمحت لهم هذه التقنية غير الجراحية بتحديد المواقع المحتملة دون حفر فوري، والحفاظ على سلامة المناظر الطبيعية، وبالإضافة إلى ذلك، مكّن استخدام الكاميرات متعددة الأطياف، القادرة على التقاط الصور والألوان غير المرئية للعين المجردة، علماء الآثار من فحص المواقع بمستوى من التفاصيل لم يكن من الممكن الوصول إليه من قبل.
وأحد المواقع الرئيسية قيد التحقيق هي الفيلا الرومانية إل كانويلو في بورنوس، حيث بدأت عالمة الآثار ماكارينا لارا وفريقها أعمال التنقيب في مايو، وتقدم هذه الفيلا، إلى جانب مواقع أخرى تم اكتشافها حديثاً، لمحة عن الممارسات المعمارية والثقافية للرومان في وادي نهر جواداليت منذ أكثر من 2000 عام.
ولا تتعلق النتائج من هذه المواقع باكتشاف الهياكل القديمة فحسب؛ بل إنها تمثل إضافة مهمة لفهم النفوذ الروماني في جنوب إسبانيا، وقدمت البيانات التي تم جمعها قاعدة غنية من المعلومات الأثرية التي ستكون حاسمة للبحوث المستقبلية، وأكدت لارا على أهمية مواصلة أعمال التنقيب واستخدام الأدوات والتقنيات غير التقليدية لاستكشاف هذه المواقع بشكل أكبر، وستكمل دراسة السياقات الحالية، مثل القطع الأثرية والبقايا المعمارية، هذا العمل الجاري.
في حين أن الجدول الزمني الدقيق لوقت بناء هذه الهياكل لا يزال غير واضح، فمن المعروف أن الرومان بدأوا في الاستقرار في وادي نهر جواداليت بعد غزوهم لإسبانيا في عام 264 قبل الميلاد، وقد يؤدي هذا الدليل الجديد إلى إعادة تشكيل السرديات التاريخية حول نطاق الإمبراطورية الرومانية ونفوذها في هذا الجزء من أوروبا.