الماء ضروري للحياة، حيث يعمل حتى على مستوى الخلايا، وإن التنبؤ بكيفية تدفق الماء عبر قنوات صغيرة على مستوى الجزيئات مهمة معقدة، وغالباً ما تتجاوز حدود القوة الحسابية الحديثة، ولفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل، لجأ الباحثون في الولايات المتحدة إلى التعلم الآلي لدراسة الخصائص الكهربائية للماء عندما يتم حبسه في أسطوانات بحجم نانومتر مصنوعة من الكربون النقي.
وعلى الرغم من بساطته الظاهرة، فإن الماء له خصائص فريدة بسبب اختلال التوازن الكهربائي داخل جزيئاته، ويتكون كل جزيء ماء من ذرة أكسجين واحدة تستحوذ على الإلكترونات من ذرات الهيدروجين، مما يخلق ثنائي القطب، أو اختلال التوازن في الشحنة، وهذا القطب الثنائي مسؤول عن السلوكيات الفريدة للماء، مثل التوتر السطحي وقدرته على تكوين هياكل مختلفة عندما يتجمد.
وعندما يتم حبس جزيئات الماء داخل أنابيب نانوية كربونية كارهة للماء، فإنها تظهر تفاعلات متزايدة مع المجالات الكهربائية، وهذه الأنابيب النانوية، التي يقل قطرها عن 10 نانومتر، تشبه في حجمها الفيروس، مما يجعلها مثالية لدراسة سلوك الماء على مثل هذه المقاييس الصغيرة.
ويوضح المؤلف الرئيسي ماركوس كاليجاري أندرادي من مختبر لورانس ليفرمور الوطني (LLNL) أهمية فهم كيفية قيام المياه المحصورة بحجب المجالات الكهربائية مقارنة بالمياه بكميات كبيرة، ويعد هذا الفهم أمراً بالغ الأهمية لتطوير تقنيات الفصل وله آثار على تخزين الطاقة وتحويلها.
وتستجيب المواد العازلة مثل الماء للمجالات الكهربائية بشكل مختلف عن الموصلات مثل النحاس، وفي المواد العازلة، تتوافق المكونات المشحونة مع المجالات الكهربائية، مما يؤثر على المجال الأوسع، وأظهرت الأبحاث السابقة أن تعبئة الماء في أنابيب نانوية كربونية يمكن أن تكشف عن مراحل جديدة من الماء وتسهل نقل البروتون السريع على طول سلاسل المياه أحادية البعد، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تغيير حجم مسام الأنابيب النانوية إلى تكوين هياكل جليدية فريدة.
وإن محاكاة هذه السلوكيات من المبادئ الأولى أمر صعب ويتطلب موارد حسابية كبيرة، وللتغلب على هذا، استخدم الباحثون التعلم الآلي للتنبؤ بالخصائص العازلة للمياه في تكوينات مختلفة، وسمح لهم هذا النهج بتفسير التأثيرات الكمومية والتفاعلات المعقدة لجزيئات الماء الفردية.
وقد أظهرت عمليات المحاكاة التي أجروها أن ثابت العزل الكهربائي للماء داخل الأنابيب النانوية الكربونية يزداد مع انخفاض قطر الأنبوب، ويصل إلى ذروته عند 0.79 نانومتر، وبهذا الحجم، تصطف جزيئات الماء في صف واحد على طول محور الأنبوب، مما يخلق بنية إلكترونية موازية لجدران الأنبوب.
ويمكن أن يوفر هذا التأثير العازل الكهربائي المعزز على نطاقات صغيرة رؤى قيمة لعلماء الأحياء الجزيئية الذين يدرسون تدفق المياه في القنوات الخلوية وللباحثين الذين يطورون الأدوية التي تعمل في بيئات محصورة، ويؤكد المدعو "آنه فام"، عالم المواد الحاسوبية في مختبر لورانس ليفرمور الوطني، أن فهم تأثير الاحتجاز على ثابت العزل الكهربائي للماء أمر ضروري لتحسين التقنيات الحالية.