Quantum

إن مفهوم الإنترنت الكمومي، الذي يعد بأمن وقوة حوسبة لا مثيل لها، يقترب من أن يصبح حقيقة واقعة، وفقد أجرى باحثون من جامعة لايبنيز هانوفر في ألمانيا تجربة رائدة يمكن أن تمهد الطريق لدمج الاتصالات الكمومية مع البنية التحتية الحالية للإنترنت، وتوضح هذه التجربة طريقة محتملة لنقل كل من المعلومات الكمومية والبيانات الكلاسيكية من خلال نفس شبكة الألياف الضوئية، والتي يمكن أن تعمل بشكل كبير على تسريع تطوير وتبني التقنيات الكمومية.

ومن شأن الإنترنت الكمومي أن يحدث ثورة في كيفية نقل البيانات وتأمينها، مما يوفر اتصالات مقاومة للاختراق تقريباً والقدرة على ربط أجهزة كمبيوتر كمومية متعددة عبر شبكة، ومع ذلك، فإن أحد التحديات المهمة في تطوير هذه التكنولوجيا يكمن في دمجها مع البنية التحتية الحالية للإنترنت، والتي تعتمد على بتات البيانات الكلاسيكية الممثلة في شكل 1 و0.

Message Dialog

وتتطلب الاتصالات الكمومية نقل الفوتونات المتشابكة - جزيئات الضوء المرتبطة ميكانيكياً كمياً بحيث تؤثر حالة أحدها على الفور على حالة الآخر، بغض النظر عن المسافة بينهما، ولكي تحافظ هذه الفوتونات المتشابكة على علاقاتها الدقيقة، يجب إرسالها في عزلة، وقد تطلب هذا تقليدياً قنوات منفصلة عن تلك المستخدمة للبيانات الكلاسيكية، مما أدى إلى تعقيد استخدام شبكات الألياف الضوئية المشتركة.

وفي تجربتهم، طور الباحثون في جامعة لايبنيز هانوفر نهجاً جديداً لنقل البيانات الكمومية والكلاسيكية عبر نفس قناة الألياف الضوئية دون تداخل، ولقد استخدموا جهازاً مصمماً خصيصاً لتنفيذ تقنية سيروداين، وهي طريقة تحول طور الإشارات في الألياف الضوئية، مما يسمح لكلا النوعين من البيانات باحتلال نفس قناة التردد.

ويقول الفيزيائي مايكل كويس من جامعة لايبنيز هانوفر: "نحن بحاجة إلى نقل الفوتونات المتشابكة عبر شبكات الألياف الضوئية لجعل الإنترنت الكمومي حقيقة واقعة"، "ونريد أيضاً الاستمرار في استخدام الألياف الضوئية لنقل البيانات التقليدية".

ومن خلال ضبط طور الإشارة، تمكن الفريق من إرسال بيانات كمية جنباً إلى جنب مع البيانات التقليدية دون تداخل الاثنين، وفي الطرف المستقبل، يمكن فصل تدفقات البيانات هذه ومعالجتها وفقاً لذلك، مما يحقق نموذج اتصال هجين، ويمثل هذا المرة الأولى التي ينقل فيها العلماء بنجاح الضوء المتشابك مع بيانات غير متشابكة باستخدام نفس قناة التردد في الألياف الضوئية.

وهذه التجربة هي خطوة مهمة نحو الجمع بين الإنترنت التقليدي وإنترنت الكم المستقبلي، ونظراً لأن الألياف الضوئية تشكل بالفعل العمود الفقري لإنترنت اليوم، فإن القدرة على نقل البيانات الكمية عبر هذه الشبكات الحالية يمكن أن تسهل تبني التقنيات الكمومية بشكل أسرع وأكثر فعالية من حيث التكلفة.

ويوضح الفيزيائي يان هاينه، من جامعة لايبنيز هانوفر أيضاً، "تحجب الفوتونات المتشابكة قناة بيانات في الألياف الضوئية، مما يمنع استخدامها لنقل البيانات التقليدية"، ومع ذلك، فإن تقنية السيرودين التي يستخدمها الباحثون تمكن هذين النوعين المختلفين من البيانات من التعايش داخل نفس الألياف، مما يحافظ على سلامة الحالة الكمومية مع السماح بنقل البيانات التقليدية.

وفي حين أن هذا الاختراق واعد، إلا أن العديد من التحديات لا تزال قائمة، ولا يزال الباحثون يعملون على طرق لنقل المعلومات الكمومية لمسافات أطول دون تدهور وإدارة حركة المرور على الشبكة بشكل فعال في الأنظمة الهجينة، وسيكون التغلب على هذه العقبات أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الإمكانات الكاملة للإنترنت الكمومي.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن التجربة تمثل معلماً أساسياً في السعي إلى الإنترنت الكمومي، وبمجرد تشغيله، يعد الإنترنت الكمومي بإضافة طبقة قوية من الأمان لنقل البيانات، وفي شبكة الكم، فإن أي محاولة لاعتراض البيانات من شأنها أن تتسبب في انهيار المعلومات الكمومية، مما يجعلها غير قابلة للقراءة من قبل المتسللين، وستوفر هذه الميزة مستوى من الأمان يتجاوز بكثير ما هو ممكن حاليًا مع طرق التشفير الكلاسيكية.



إقراء إيضاً : ناسا ترصد جسماً غامضاً يتحرك بسرعة مليون ميل فى الساعة !... متابعة القراءة