لقد تطورت طبيعة الحرب بشكل كبير على مر القرون، من الأسلحة التقليدية مثل السيوف والدروع إلى الاستخدام الحديث للطائرات والصواريخ، والآن، ندخل عصراً جديداً من الحرب حيث أصبحت الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة وألعاب الفيديو، أدوات قوية للتجسس والهجمات الإلكترونية وحتى التدمير، وفي أعقاب تفجيرات "أجهزة النداء" الأخيرة، من الواضح أن التكنولوجيا الرقمية تعمل على تحويل ساحة المعركة.
وإن أحد التهديدات الأساسية في الحرب الحديثة هو اختراق الهواتف الذكية، والذي يمكن أن يمنح المهاجمين إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة، ويستخدم المتسللون أساليب مختلفة للتسلل إلى الأجهزة، حيث تعد رسائل التصيد من بين أكثرها شيوعاً، وفي مخططات التصيد، يخدع المتسللون المستخدمين لتقديم معلومات شخصية أو النقر فوق روابط ضارة تسمح للمتسلل بالوصول إلى بيانات الهاتف.
وتتضمن أساليب الاختراق الأكثر تطوراً مهارات البرمجة، حيث يستغل المهاجمون نقاط الضعف في أنظمة البرامج للحصول على امتيازات إدارية، وبمجرد أن يسيطر المتسللون على جهاز ما، يمكنهم التلاعب بالبيانات والوصول إلى الاتصالات السرية وحتى استخدام الهاتف كأداة لشن المزيد من الهجمات الإلكترونية.
ومن المدهش أن ألعاب الفيديو تظهر أيضاً كواحدة من أهم الأدوات في التجسس الحديث، ويسلط تقرير صادر عن مجلة Cybercrime الضوء على الاستخدام المتزايد لألعاب الفيديو في أنشطة الجرائم الإلكترونية، مما يثير المخاوف بشأن قيمتها السوقية المتزايدة، ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن تبلغ قيمة صناعة ألعاب الفيديو العالمية 321 مليار دولار بحلول عام 2026.
وتزامن النمو السريع لهذه الصناعة مع زيادة الهجمات الإلكترونية، وفي عام 2021، كلفت الجرائم الإلكترونية، بما في ذلك الجرائم المتعلقة بألعاب الفيديو، الاقتصاد العالمي أكثر من 6 تريليون دولار، وبحلول عام 2025، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 10.5 تريليون دولار سنوياً، مما يجعل الجرائم الإلكترونية واحدة من أكثر الصناعات ربحية في العالم.
ويكشف التقرير أيضاً أن الجرائم الإلكترونية قد تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، منافساً للقوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين، ولقد تجاوزت الأرباح من الجرائم الإلكترونية بالفعل تلك الناتجة عن تجارة المخدرات العالمية، وتمثل هذه الجرائم، بما في ذلك التجسس عبر ألعاب الفيديو والهواتف المحمولة، خطراً كبيراً على الأمن العالمي.
وعلاوة على ذلك، أدى انتشار الذكاء الاصطناعي إلى زيادة مخاطر الجرائم الإلكترونية، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة وتعزيز الهجمات الإلكترونية، مما يجعلها أكثر كفاءة وأصعب في الكشف عنها، ويحذر التقرير من أن المخاطر التي تشكلها الجرائم الإلكترونية قد تتجاوز قريباً الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية، مما يؤكد على الحاجة إلى التعاون العالمي لمكافحة هذه التهديدات.