Plastic

ظهرت عملية كيميائية رائدة في مختبرات جامعة طوكيو متروبوليتان، وهي عملية تحمل القدرة على إحداث ثورة في كيفية تعاملنا مع النفايات البلاستيكية، وتعمل هذه الطريقة المبتكرة على تحويل البوليستر، وهي المركبات التي تشكل جزءًا كبيرًا من البلاستيك، إلى مادة تعرف باسم أميد المورفولين، ما يجعل هذه العملية رائعة حقًا هو أنها تحقق هذا التحويل دون استخدام مواد كيميائية ضارة ولا تترك وراءها أي نفايات غير مرغوب فيها.

وتتوافق نتائج هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة ACS Publications المرموقة، مع مبدأ "إعادة التدوير للأفضل"، وهو نهج يهدف إلى التخفيف من التلوث البلاستيكي وخلق قيمة جديدة من المواد المهملة، وإن مفهوم إعادة التدوير للأفضل، وهو مصطلح تمت صياغته في عام 1994 خلال مقابلة مع المهندس الميكانيكي الألماني راينر بيلتز، يتحدى نموذج إعادة التدوير التقليدي.

Message Dialog

وكان شعور بيلتز واضحًا: إعادة التدوير التقليدية، أو "إعادة التدوير إلى الأسفل"، غالبًا ما تؤدي إلى تدهور المواد وفقدان قيمتها الجوهرية، وبدلاً من ذلك، دعا إلى "إعادة التدوير للأفضل"، والذي يتضمن تعزيز قيمة المنتجات الحالية، وتوفر هذه الفلسفة العديد من المزايا، مع كون الفوائد البيئية هي الاهتمام الأسمى، وإعادة التدوير هي عملية لا تقلل من إنتاج النفايات فحسب، بل تقلل أيضًا من استهلاك الموارد الطبيعية.

ويعاني العالم حاليًا من استهلاك هائل للمواد البلاستيكية، مما يؤدي إلى تراكم النفايات على نطاق غير مسبوق، وتكشف إحصائيات مذهلة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن البشر يستهلكون مليون كيس بلاستيكي كل دقيقة ويستخدمون ما يقرب من 5 تريليون كيس بلاستيكي في جميع أنحاء العالم كل عام، وفي ضوء هذه الأرقام، تتضح الحاجة إلى حلول مبتكرة لمعالجة أزمة النفايات البلاستيكية.

واستجابة لهذا التحدي، شرع فريق من الباحثين، بقيادة البروفيسور كوتوهيرو نومورا والأستاذ المساعد يوهي أوجيوارا، في مهمة لابتكار نهج جديد يرتكز بقوة على مبادئ إعادة التدوير للأفضل، وقد توجت جهودهم بتفاعل كيميائي أدى بشكل فعال إلى تحويل مواد البوليستر، بما في ذلك PET (الموجود عادة في الزجاجات البلاستيكية)، إلى أميد المورفولين، وتم تحقيق هذا التحول باستخدام المورفولين غير المكلف ومحفز التيتانيوم، مما أدى إلى إنتاج هذا المركب الكيميائي القيم.

وإن الآثار المترتبة على هذا الإنجاز متعددة، ويسلط البيان الصحفي المنشور على منصة "Eurek Alert" الضوء على تطبيقين محتملين لأميد المورفولين، والأول ينطوي على استخدامه في إنتاج منتجات بلاستيكية جديدة، مما يؤدي بشكل أساسي إلى إغلاق الحلقة وتحويل النفايات مرة أخرى إلى سلع استهلاكية قيمة، ويتعلق التطبيق الثاني بتصنيع مواد كيميائية مختلفة مناسبة للاستخدام في العديد من الصناعات، مما يزيد من فائدة هذه العملية المبتكرة.

ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن إعادة التدوير التقليدية تلعب دورًا في إدارة النفايات البلاستيكية، إلا أنها ليست حلاً سحريًا، وتعتمد عملية إعادة التدوير النموذجية على استخدام المواد الكيميائية لتفكيك المركبات البلاستيكية الكبيرة إلى مكونات أصغر، والتي يتم إعادة استخدامها بعد ذلك لإنشاء منتجات بلاستيكية جديدة، وعلى الرغم من أن هذه العملية تساعد في التخلص من النفايات، إلا أن لها عيوبها.

فهي تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة لتوليد الحرارة اللازمة للتفاعلات الكيميائية أو تعتمد على مواد كيميائية قوية، مما قد يؤدي إلى إنتاج النفايات الكيميائية، مما يحد من قدرتها على تقديم حل شامل لأزمة النفايات البلاستيكية، وفي المقابل، تتميز العملية الكيميائية التي ابتكرها باحثو جامعة طوكيو متروبوليتان بكفاءتها، ولا يتطلب أي شروط خاصة، ولا ينتج أي نفايات كيميائية، ولا يتضمن سوى كمية ضئيلة من المحفز الكيميائي، ولا يعتمد على تقنيات أو أدوات متخصصة.

وتوفر هذه العملية، المتجذرة بقوة في مبادئ إعادة التدوير، وسيلة واعدة لتقليل العبء العالمي للنفايات البلاستيكية مع تسخير إمكاناتها في الوقت نفسه لمختلف الصناعات، وهي تمثل خطوة كبيرة نحو الإدارة المستدامة للنفايات البلاستيكية، وتبني مبدأ إعادة التدوير لضمان أن تجد المواد البلاستيكية المهملة حياة وهدفًا جديدًا، وبينما نتطلع إلى المستقبل، فإن إمكانية إعادة تشكيل هذه التكنولوجيا لنهجنا تجاه المواد البلاستيكية أمر مثير ومليء بالوعد.



إقراء إيضاً : ابتكار جديد يحول الأجهزة القابلة للارتداء إلى مولدات طاقة نانوية ... متابعة القراءة