في قفزة ملحوظة للعلوم الطبية، نجح جهاز تم تطويره حديثاً في حجم حبة الدواء في التجارب البشرية الأولية، مما يدل على قدرته على مراقبة العلامات الحيوية الحرجة بأمان داخل المعدة ونقل هذه البيانات المنقذة للحياة خارجياً، وتم تصميم هذه الكبسولة المبتكرة لقياس وظائف الجسم الأساسية مثل التنفس ومعدل ضربات القلب من الداخل، ويمكنها نقل هذه المعلومات بسلاسة إلى جهاز خارجي، مثل الكمبيوتر المحمول أو المعدات المماثلة.
ويؤكد العلماء الذين يقودون هذه المبادرة الرائدة أن هذه الكبسولة تحمل القدرة على توفير الرعاية الحاسمة للأفراد المعرضين لخطر الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية، وهو عامل يمكن أن يؤثر بشكل كبير على التدخلات الطبية الطارئة، وعلاوة على ذلك، يعقد الفريق الذي يقف وراء هذا الجهاز آمالًا كبيرة في أن تمتد تطبيقاته إلى ما هو أبعد من المخاوف المتعلقة بالمواد الأفيونية، مما قد يساعد الأفراد في مواجهة مشكلات صحية أخرى مثل اضطرابات النوم.
وسلط البروفيسور جيوفاني ترافيرسو، المؤلف الرئيسي وأخصائي أمراض الجهاز الهضمي المتميز، الضوء على أهمية المعدة في توفير الإشارات الفسيولوجية الرئيسية، وأشار إلى أن "المعدة بشكل عام تقدم أفضل الإشارات، ويرجع ذلك أساسًا إلى قربها من القلب والرئتين، كما أن القدرة على تسهيل التشخيص ومراقبة العديد من الحالات دون الحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى يمكن أن توفر للمرضى سهولة الوصول إلى الرعاية الصحية، ودعم العلاج".
وفي المراحل الأولى من الاختبار، قام الباحثون بزرع الجهاز في معدة الخنازير تحت التخدير، وأدى إعطاء جرعة من الفنتانيل، وهو مادة أفيونية قوية، إلى توقف التنفس لدى الخنازير، ومن الجدير بالذكر أن الكبسولة قامت بقياس معدل التنفس بسرعة ونبهت الباحثين على الفور عند توقف التنفس.
وخضع هذا الجهاز بعد ذلك لتجاربه البشرية الأولى، والتي شملت عشرة أفراد يعانون من مشاكل انقطاع التنفس أثناء النوم، ومن المشجع أن هؤلاء المرضى لم يبلغوا عن أي آثار سلبية بعد ابتلاع هذه الكبسولة، والتي اجتازت أنظمتهم الهضمية بسلاسة دون التسبب في أي اضطراب.
وأظهرت دقة مذهلة، حيث وجد أن الكبسولة تراقب معدل ضربات القلب بمعدل دقة مذهل يصل إلى 96% على الأقل مقارنة بأجهزة المراقبة الحيوية الخارجية، والأهم من ذلك، أن التجربة أثبتت سلامة الجهاز، حيث قام جميع المشاركين بإفراز الكبسولة بشكل طبيعي في برازهم في غضون أيام قليلة بعد التجربة، مما يؤكد طبيعته غير الغازية وغير التخريبية.
ويبشر هذا الإنجاز الضخم بعصر جديد في المراقبة الطبية، ومن المحتمل أن يحدث ثورة في كيفية قيام متخصصي الرعاية الصحية بتتبع العلامات الحيوية عن بعد والتدخل الفوري في المواقف التي تهدد الحياة، وإن نجاح الجهاز في مراقبة الوظائف الحيوية يفتح الأبواب داخليًا لتحسين رعاية المرضى، مما يبشر بمستقبل يصبح فيه الوصول إلى الرعاية الصحية والتشخيص في الوقت الفعلي أكثر سهولة وكفاءة من أي وقت مضى.