في تطور رائد، نجح علماء سويديون في ابتكار أول "كمبيوتر حي" في العالم باستخدام أنسجة المخ البشري، ويمثل هذا الجهاز المبتكر، الذي يتألف من 16 جزءاً عضوياً أو كتلة من خلايا المخ المزروعة في المختبر، قفزة كبيرة إلى الأمام في كل من تكنولوجيا الحوسبة وكفاءة الطاقة، ويعمل الكمبيوتر الحي مثل شريحة الكمبيوتر التقليدية، حيث تعمل الخلايا العصبية فيه كدوائر لإرسال واستقبال الإشارات.
ومن أبرز جوانب هذا الكمبيوتر الحي كفاءة استخدامه للطاقة، ووفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن الخلايا العصبية الحية تستخدم طاقة أقل بمليون مرة من المعالجات الرقمية المستخدمة حالياً، وللمقارنة، يستخدم الدماغ البشري ما بين 10 إلى 20 وات من الطاقة، في حين تتطلب أقوى أجهزة الكمبيوتر في العالم، مثل Hewlett Packard Enterprise Frontier، الى 21 ميغاواط ـ أي ما يعادل 21 مليون وات ـ للعمل بسرعات مماثلة مع ذاكرة أقل بألف مرة، ويسلط هذا التباين الصارخ الضوء على إمكانات أجهزة الكمبيوتر الحية لإحداث ثورة في استهلاك الطاقة في الحوسبة.
وتم تطوير الآلة الحية بواسطة علماء في FinalSparks، وهي شركة مخصصة لاستكشاف الحلول باستخدام الشبكات العصبية البيولوجية، ولاحظ الدكتور فريد جوردان، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة FinalSparks، أنه في حين أن مفهوم استخدام الشبكات العصبية البيولوجية شائع في الخيال العلمي، إلا أنه نادراً ما يتم متابعته في الأبحاث الحقيقية.
وتبدأ العملية بالخلايا الجذعية، التي يتم زراعتها لمدة شهر تقريباً حتى تتطور إلى خلايا عصبية، ومن ثم تُستخدم هذه الخلايا العصبية لبناء أدمغة FinalSparks الصغيرة، والتي تتكون كل منها من حوالي 10000 خلية عصبية حية ويبلغ قطرها حوالي 0.5 مليمتر، ويتم تدريب هذه الأدمغة الصغيرة بجرعات من الدوبامين، والذي يعمل كمكافأة عند أداء المهام بشكل صحيح، ويتم إعطاء الدوبامين عن طريق تعريض مناطق معينة من الأعضاء للضوء، مما يحاكي إطلاقه في الدماغ البشري.
وتحيط بالأدمغة الصغيرة ثمانية أقطاب كهربائية تقيس وتؤثر على النشاط العصبي، وتحفز هذه الأقطاب الكهربائية الأعضاء وتسجل البيانات التي تعالجها، وبالإضافة إلى ذلك، يتم وضع الأعضاء في حاضنة ميكروفلويدية تعمل كنظام سباكة مصغر، وتوفر العناصر الغذائية الأساسية وتحافظ على بيئة مستقرة وخالية من البكتيريا والفيروسات في درجة حرارة الجسم.
وتعيش الخلايا الحية في الكمبيوتر وتموت على مدى فترة 100 يوم، وتشكل بنية عضوية ثلاثية الأبعاد تشبه أنسجة المخ البشري الحقيقي سواء في الشكل أو النشاط الكهربائي.
ويفتح تطوير هذا الكمبيوتر الحي بواسطة FinalSparks إمكانيات جديدة لإنشاء أنظمة حوسبة عالية الكفاءة يمكنها أن تقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة المرتبط بالمعالجات الرقمية التقليدية، ومن خلال تسخير الكفاءة الطبيعية للخلايا العصبية البيولوجية، يمكن لمثل هذه الحواسيب أن تلعب دوراً حاسماً في معالجة أزمة الطاقة العالمية.