Autism

لقد حظيت دراسة حديثة باهتمام إعلامي كبير من خلال اقتراح وجود صلة محتملة بين البلاستيك، وخاصة مادة بيسفينول أ (BPA)، وتطور مرض التوحد لدى الأطفال، ومع ذلك، من الأهمية بمكان توضيح أن الدراسة لا تثبت أن البلاستيك يسبب مرض التوحد، وبدلاً من ذلك، تستكشف الدراسة الدور الذي قد تلعبه مادة بيسفينول أ (BPA) في التأثير على مستويات هرمون الاستروجين لدى الأولاد، مما قد يؤثر على فرص تشخيصهم بمرض التوحد.

وبيسفينول أ (BPA) هو مكون كيميائي يستخدم في صناعة البلاستيك الصلب وقد تم استخدامه على نطاق واسع لعقود من الزمن، ويوجد بيسفينول أ بشكل شائع في حاويات الطعام والشراب، مما يعني أن معظم الناس يتعرضون لمستويات منخفضة منه يومياً، وينشأ القلق لأن بيسفينول أ يمكن أن يحاكي بشكل ضعيف هرمون الاستروجين، وهو هرمون في أجسامنا، مما قد يؤثر على الصحة على مدى العمر من التعرض، وكإجراء احترازي، حظرت بعض البلدان مادة بيسفينول أ في زجاجات الأطفال، وأستراليا تتخلص منها تدريجياً في هذه المنتجات.

Message Dialog

والتوحد هو اضطراب في النمو العصبي يتميز بصعوبات في التواصل الاجتماعي وسلوكيات متكررة أو مقيدة، وقد يعاني الأفراد المصابون بالتوحد أيضاً من مشاكل أخرى، مثل تحديات الوظائف الحركية، والحساسيات الحسية، والقلق، ومشاكل النوم، ومشاكل الجهاز الهضمي، ويمكن أن تختلف الأعراض وشدتها على نطاق واسع، مما يؤدي إلى تجارب يومية مختلفة تماماً لأولئك المصابين بالتوحد.

وتلعب الجينات دوراً مهماً في مرض التوحد، حيث يرتبط أكثر من 1000 جين بهذا الاضطراب، ومع ذلك، فإن تحديد السبب الدقيق للتوحد لا يزال معقداً، وقد ينتج التوحد عن تفاعلات بين جينات متعددة، يصعب اكتشافها حتى في الدراسات واسعة النطاق، ويمكن أن تساهم العوامل البيئية، مثل التعرض لأدوية معينة أثناء الحمل، أيضاً في تطور مرض التوحد.

واستكشفت الدراسة المعنية ما إذا كان التعرض لـ BPA في الرحم يمكن أن يكون عاملاً بيئياً آخر يؤثر على خطر الإصابة بالتوحد، وشمل البحث دراسات شملت كل من البشر والفئران.

وقام الباحثون بفحص مجموعة من 1074 طفل أسترالي، نصفهم من الذكور، وبحلول سن السابعة إلى الحادية عشرة، تم تشخيص 43 طفلاً (29 ذكراً و14 أنثى) بالتوحد، وركزت الدراسة على قياس مستويات BPA في بول 847 أماً في أواخر الحمل، وركز التحليل على عينات تحتوي على أعلى مستويات BPA والتأثير المحتمل على التغيرات الجينية المرتبطة بإنتاج هرمون الاستروجين، وخاصة من خلال إنزيم الأروماتاز.

وأشارت النتائج إلى أن الأولاد الذين لديهم مستويات عالية من BPA لدى الأم ونشاط أروماتاز ​​منخفض كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتوحد، ومع ذلك، كان هناك عدد قليل جداً من الفتيات المصابات بالتوحد ومستويات منخفضة من الأروماتاز ​​لاستخلاص استنتاجات لهن، لذلك اقتصرت نتائج الدراسة على الأولاد.

ودرس الباحثون أيضاً تأثيرات التعرض لـ BPA في الفئران، وأظهرت الفئران المعرضة لـ BPA في الرحم سلوكاً متزايداً في العناية الشخصية (يشير إلى السلوك المتكرر) وانخفاض التفاعل الاجتماعي، وبالإضافة إلى ذلك، لوحظت تغيرات في اللوزة الدماغية، وهي منطقة في الدماغ مهمة لمعالجة التفاعلات الاجتماعية.

واقترحت الدراسة أن المستويات العالية من مادة BPA قد تثبط إنزيم الأروماتيز، مما يغير إنتاج هرمون الاستروجين ويؤثر على نمو الدماغ، ومع ذلك، هناك حاجة إلى الحذر عند تفسير هذه النتائج لأن سلوك الفئران لا يترجم مباشرة إلى سلوك بشري، وعلاوة على ذلك، كانت جرعة BPA المستخدمة في الفئران أعلى مما يواجهه الناس عادة، وكانت طريقة إعطاء BPA متباينة.

ومن المهم أن نفهم أن إيجاد رابط بين عاملين - مثل التعرض لـ BPA والتوحد - لا يعني أن أحدهما يسبب الآخر، وتقترح الدراسة آلية تستند إلى بحث الفئران، مما يشير إلى أن BPA يمكن أن يؤثر على نمو الدماغ عن طريق تغيير إنتاج هرمون الاستروجين، ومع ذلك، هذا لا يعني أننا وجدنا سبب التوحد.

وتلمح الدراسة إلى تفاعل محتمل بين الجينات والبيئة، حيث قد يكون الأطفال الذين يعانون من اختلافات جينية معينة أكثر عرضة لتأثيرات BPA، مما قد يزيد من خطر إصابتهم بالتوحد، ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتوضيح هذه النتائج.



إقراء إيضاً : مصر تعلن اكتشافاً دوائياً هاماً من نبات مصري !... متابعة القراءة