إن الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في العديد من جوانب الحياة على الأرض، والآن يدرس العلماء إمكاناته لسد الفجوة الكونية والتواصل مع الحضارات خارج الأرض، وقد تم مؤخراً تفصيل هذه الفكرة المبتكرة، التي تبدو وكأنها مأخوذة مباشرة من فيلم خيال علمي، في مقال نشرته مجلة ساينتفك أمريكان.
ولقد أمضى فرانك ماركيز، مدير العلوم المدنية في معهد البحث عن ذكاء خارج الأرض (SETI)، وإجناسيو جيه لوبيز فرانكوس، مهندس أبحاث رئيسي في وكالة ناسا، أكثر من أربعة عقود في استكشاف الفضاء في السعي للعثور على ذكاء خارج الأرض (ETI)، وعلى الرغم من جهودهما المكثفة، إلا أنهما لم يجدا بعد أي علامات على وجود حياة فضائية، ويعتقدان الآن أن استراتيجية جديدة، تستفيد من الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تكون مفتاح النجاح.
وتاريخياً، كانت محاولات مشاركة المعلومات حول البشرية مع الحضارات خارج الأرض المحتملة، مثل سجل فوييجر الذهبي، مفرطة في التبسيط ولم تسفر عن نتائج واعدة، ومع التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، يزعم ماركيز وفرانكوس أنه حان الوقت لتبني نهج أكثر تطوراً.
ويقترح الباحثون تطوير نموذج لغوي مشابه لـ ChatGPT، قادر على التفاعل مع الكائنات الفضائية، والإجابة على أسئلتهم، وتقديم رؤى حول الثقافة البشرية، ويقترحون أن نموذج الذكاء الاصطناعي هذا يمكن نقله عبر الليزر، وهي طريقة أسرع وأكثر اتجاهية من الموجات الراديوية التقليدية، في حين أن إرسال نموذج لغوي كامل النطاق مثل Llama-3-70B من Meta قد يستغرق مئات السنين، فإن التركيز على نموذج أصغر وأكثر صلة يمكن أن يقلل من وقت الإرسال بشكل كبير.
ويشرح الباحثون: "سيسمح هذا للحضارات خارج الأرض بالتحدث إلينا بشكل غير مباشر والتعرف علينا دون إعاقة المسافات الشاسعة في الفضاء والتأخيرات المقابلة في الاتصال البشري، ويمكن للكائنات الفضائية تعلم إحدى لغاتنا، وطرح أسئلة على نموذج اللغة عنا، وتلقي إجابات تمثل الإنسانية".
وأحد التحديات الأساسية لهذا النهج هو الوقت الذي يستغرقه وصول مثل هذه الرسالة حتى إلى أقرب أنظمة النجوم، ومع ذلك، يعتقد ماركيز وفرانكوس أنه من خلال تقليص النموذج إلى معلومات أساسية واستخدام أنظمة الليزر المتقدمة، يمكن تقليص وقت الإرسال إلى أقل من 20 عاماً، مما يجعله مشروعاً قابلاً للتنفيذ.
ولن ينتج نموذج الذكاء الاصطناعي المقترح نصاً فحسب، بل سينتج أيضاً صوراً وأصواتاً، ويجب أن يتم اختيار محتواه وشخصيته ونبرته بعناية من قبل الباحثين والفلاسفة والمؤرخين وغيرهم من الخبراء لضمان تمثيله للإنسانية بدقة.
وعلى الرغم من أن هذه الفكرة تبدو مستقبلية ورائعة، إلا أنها تحمل أيضاً مخاطر كبيرة، ويحذر بعض الخبراء من أن الحضارات الفضائية المتقدمة قد تسيء استخدام المعلومات حول البشرية لصالحها، وعلى الرغم من هذه المخاوف، يعتقد ماركيز وفرانكوس أن المكافآت المحتملة لاكتشاف حياة خارج كوكب الأرض تفوق المخاطر بكثير.