Mammoth

لم تعد فكرة إعادة الماموث الصوفي، وهو نوع شهير اختفى منذ آلاف السنين، مجرد خيال علمي، فقد جعلتنا التطورات في مجال العلوم الوراثية أقرب بشكل ملحوظ إلى تحقيق المستحيل على ما يبدو: إحياء الأنواع المنقرضة مثل الماموث الصوفي، وفي حين أن هذا الاحتمال يأسر الخيال، فإنه يجلب أيضاً مجموعة من المخاوف الأخلاقية والبيئية والتكنولوجية التي تحتاج إلى معالجة.

وبدأ السعي لإعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة بجدية في عام 2003 عندما نجح العلماء في استنساخ وعل جبال البرانس، وهو نوع منقرض من الماعز البري، وعلى الرغم من أن الاستنساخ لم يبق على قيد الحياة سوى بضع دقائق بسبب عيب في الرئة، إلا أن هذه التجربة كانت بمثابة لحظة محورية في مجال إعادة الأنواع المنقرضة، فقد أظهرت أنه باستخدام التكنولوجيا والمواد الوراثية المناسبة، يمكن أن يصبح إحياء الحيوانات المنقرضة حقيقة واقعة في يوم من الأيام.

Message Dialog

والآن، تقدم علم إعادة الأنواع المنقرضة بشكل كبير، وإن إمكانية إعادة الأنواع المنقرضة منذ زمن طويل مثل الماموث الصوفي أصبحت الآن أقرب من أي وقت مضى.

وتعتبر شركة كولوسال بيوساينسز واحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال المتطور، والتي كانت في طليعة الجهود الرامية إلى إحياء العديد من الأنواع المنقرضة، بما في ذلك الماموث الصوفي، والدودو، والنمر التسماني، ويتضمن نهج الشركة إدخال المادة الوراثية للأنواع المنقرضة في جينومات أقرب أقاربها الأحياء، وبالنسبة للماموث الصوفي، فإن هذا يعني استخدام الفيل الآسيوي، الذي يشترك في الكثير من الحمض النووي مع الماموث.

وصرح بن لام، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة كولوسال بيوساينسز، أن الشركة قد تنتج عجلاً يشبه الماموث في وقت مبكر من عام 2028، وتتضمن العملية تحديد وعزل الجينات المسؤولة عن الخصائص الفريدة للماموث الصوفي - مثل الفراء السميك والأنياب الكبيرة - وإدخال هذه الجينات في جينوم الفيل الآسيوي، ومن ثم يتم زرع الأجنة المعدلة في فيل بديل أو ربما رحم اصطناعي لتنمية مخلوق هجين يمتلك سمات تشبه الماموث.

وإن هدف إحياء الأنواع المنقرضة ليس مجرد رؤية هذه المخلوقات القديمة على قيد الحياة مرة أخرى ولكن أيضاً استعادة الوظائف البيئية المفقودة، وعلى سبيل المثال، لعبت الماموث الصوفي ذات يوم دوراً حاسماً في الحفاظ على المراعي في القطب الشمالي، والتي تغلبت عليها منذ ذلك الحين الأراضي القاحلة والغابات، ومن خلال إعادة إدخال الماموث الصوفي، يأمل العلماء في استعادة هذه النظم البيئية، مما قد يساعد في تخزين الكربون ومكافحة تغير المناخ.

ولكن هذه المبادرة ليست خالية من المنتقدين، ويزعم البعض أن النظم البيئية تكيفت مع غياب هذه الأنواع على مدى آلاف السنين وأن إعادة إدخالها قد يكون لها عواقب غير متوقعة وربما ضارة، وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف أخلاقية بشأن استخدام الأنواع المهددة بالانقراض مثل الفيل الآسيوي كبدائل، مما قد يهدد بشكل أكبر أعدادها الضعيفة بالفعل.

وإن إمكانية إحياء الأنواع المنقرضة تثير أسئلة أخلاقية وفلسفية مهمة،ـ ويحذر بعض الخبراء من أنه من الغطرسة الاعتقاد بأن البشر يمكنهم التحكم في مثل هذه التقنيات القوية دون عواقب غير متوقعة، وإن تأثيرات إعادة الحيوانات المنقرضة إلى النظم البيئية غير متوقعة وقد تؤدي إلى مشاكل يصعب إدارتها أو عكسها.

وعلاوة على ذلك، هناك نقاش داخل مجتمع الحفاظ على البيئة حول تخصيص الموارد، ويزعم بعض دعاة الحفاظ على البيئة أن التركيز على إعادة الأنواع المنقرضة يحول الانتباه والتمويل بعيداً عن الحفاظ على الأنواع التي تواجه حالياً الانقراض، ويعتقدون أن الموارد المالية والعلمية المستخدمة في إعادة الأنواع المنقرضة يمكن إنفاقها بشكل أفضل على إنقاذ مئات الأنواع التي أصبحت على وشك الانقراض اليوم.

في حين أن احتمال رؤية الماموث الصوفي يتجول على الأرض مرة أخرى أمر مثير للاهتمام بلا شك، فإنه يجلب معه مجموعة معقدة من التحديات الأخلاقية والبيئية والتكنولوجية، ولا يزال مستقبل إعادة الأنواع المنقرضة غير مؤكد، وفي حين لا تزال الفوائد المحتملة لهذه التطورات العلمية قيد الاستكشاف، فإن المخاطر المحتملة كذلك.

وإن شركات مثل Colossal Biosciences على وشك تحقيق شيء مبتكر حقاً، لكن الآثار الكاملة لإعادة الأنواع المنقرضة لم يتم فهمها بالكامل بعد، وبينما نتطلع إلى ما يحمله المستقبل، فإن الوقت وحده هو الذي سيخبرنا ما إذا كان هذا المسعى العلمي سيعزز التنوع البيولوجي ومرونة النظام البيئي أو يخلق تحديات جديدة لكوكبنا.




إقراء إيضاً : علماء يرحبون بغزو عناكب ضخمة مهددة بالانقراض !... متابعة القراءة