أصدرت وكالة ناسا تحذيرا بشأن التهديد الوشيك الذي تشكله العواصف الشمسية الشديدة التي قد تؤدي إلى انقطاع الإنترنت العالمي لعدة أسابيع، ووفقاً لتقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية، تدخل الشمس فترة من النشاط المتزايد المعروف باسم "الحد الأقصى الشمسي"، والذي يحدث كل 11 عاماً، وتتميز هذه المرحلة بانفجارات مكثفة من الطاقة الشمسية الموجهة نحو الأرض، المسؤولة عن ظواهر مثل الأضواء الشمالية، ولسوء الحظ، يمكن لهذه الطاقة نفسها أن تسبب دماراً في أنظمة الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة، مما قد يؤدي إلى تعطيل الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
وتتبع الشمس دورة مدتها 11 عاماً حيث تقوم أقطابها المغناطيسية بتبديل الأماكن، وفي بداية هذه الدورة، يكون النشاط الشمسي ضئيلاً، مع ظهور بقع شمسية قليلة على سطح الشمس، ومع تقدم الدورة، يزداد النشاط الشمسي، ليصل إلى ذروته خلال "الحد الأقصى الشمسي"، ةفي هذه المرحلة، تُغطى الشمس ببقع داكنة، أو بقع شمسية، حيث تنشأ أعنف العواصف الشمسية.
ويمكن أن تسبب هذه العواصف الشمسية اضطرابات هائلة، وخاصة في البنية التحتية التكنولوجية للأرض، وبحسب مدير برنامج الطقس الفضائي في وكالة ناسا، جيمي فيفورز، فإن النشاط الشمسي المتزايد يوفر فرصة فريدة لدراسة الشمس ولكنه يشكل أيضاً مخاطر حقيقية على الأرض، بما في ذلك إتلاف الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة، ويمكن لأشد العواصف شدة أن تتداخل مع أنظمة تحديد المواقع العالمية، وتتسبب في تعطيل الأقمار الصناعية، وتعطل الاتصالات العالمية، وحتى الإنترنت قد يكون معرضاً للخطر، حيث تستمر الانقطاعات لأسابيع في أسوأ السيناريوهات.
ولا تضر العواصف الشمسية بالبشر بشكل مباشر، ولكنها قد تخلف عواقب وخيمة على التكنولوجيا الحديثة، والأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض معرضة للخطر بشكل خاص، وكما أوضح الدكتور ديبيندو ناندي، الفيزيائي في مركز التميز في علوم الفضاء في الهند، فإن التقلبات الكهرومغناطيسية الشديدة الناجمة عن هذه العواصف يمكن أن تؤدي إلى تدهور مدار الأقمار الصناعية، وتعطيل الخدمات القائمة على الأقمار الصناعية مثل شبكات الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي.
كما أن شبكات الطاقة معرضة للخطر، حيث تكون المناطق ذات خطوط العرض المرتفعة معرضة للخطر بشكل خاص بسبب قربها من الأقطاب المغناطيسية للأرض، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في عام 1989، عندما تسببت عاصفة شمسية في تعطيل شبكة الطاقة التي تديرها شركة هيدرو كيبيك، تاركة شمال شرق كندا في الظلام لمدة تسع ساعات.
وإن أحد المخاوف الرئيسية هو التأثير المحتمل على الإنترنت العالمي، فوي حين أن التقلبات الكهرومغناطيسية الناجمة عن العواصف الشمسية لا تلحق الضرر بشكل مباشر بكابلات الألياف الضوئية، إلا أنها يمكن أن تؤثر على معززات الإشارة المثبتة على طول كابلات الاتصالات تحت الماء، والتي تعد ضرورية للحفاظ على اتصالات الإنترنت لمسافات طويلة، وسلطت دراسة نشرها عالم في جامعة كاليفورنيا، إيرفين، في عام 2021، الضوء على ضعف البنية التحتية للإنترنت تحت الماء في مواجهة العواصف الشمسية الشديدة.
وتوقعت الدراسة أن احتمال وقوع حدث شمسي كارثي في العقد المقبل يتراوح بين 1.6٪ و 12٪، وإذا حدثت عاصفة بحجم حدث كارينجتون عام 1859 - عاصفة شمسية هائلة - اليوم، فإن التأثيرات على الاتصالات العالمية ستكون مدمرة، وقد أثبتت العواصف الأقل خطورة، مثل تلك التي حدثت في عامي 1921 و1989، إمكانية حدوث اضطرابات كبيرة.
وبينما يراقب العلماء نشاط الشمس، فإنهم يحذرون من صعوبة التنبؤ بالذروة الدقيقة لهذا الحد الأقصى للنشاط الشمسي، وبينما دخلت الشمس رسمياً مرحلتها النشطة، فلن يتم تأكيد اللحظة الدقيقة للنشاط الأقصى إلا بعد ملاحظة انخفاض ثابت في النشاط الشمسي، ومن المتوقع أن تظل الدورة الحالية نشطة لمدة 12 شهراً أخرى على الأقل، مما يعني أن تهديد عاصفة شمسية تعطل الاتصالات العالمية سيستمر طوال عام 2024.