تُعرف بطيئات الخطو، التي غالباً ما يطلق عليها "دببة الماء" بسبب مظهرها الفريد، بأنها حيوانات مجهرية رائعة اكتسبت اهتماماً علمياً كبيراً لقدرتها على تحمل بعض أقسى الظروف في الكون المعروف، ويبلغ طول هذه المخلوقات المرنة حوالي 0.5 مم وتشبه الدببة الصمغية الصغيرة ذات الثمانية أرجل، ويمكنها البقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية قد تكون قاتلة لجميع أشكال الحياة الأخرى تقريباً.
ويمكن لبطيئات الخطو أن تعيش بدون طعام أو ماء لعقود من الزمن، وتتحمل التعرض للإشعاع الشديد، وحتى البقاء على قيد الحياة في فراغ الفضاء، ودفعت مرونتها غير العادية العلماء إلى استكشاف الآليات الجينية وراء بقائها، مع آثار يمكن أن تمتد إلى علاج السرطان واستكشاف الفضاء، وكشفت دراسة حديثة أن بطيئات الخطو تدين بجزء من مرونتها إلى جينات متخصصة تصبح نشطة استجابة للتعرض للإشعاع، وحدد باحثون صينيون نوعاً جديداً، Hypsibius hinnansis، وتم العثور عليه في مقاطعة خنان، يُظهر استجابات وراثية فريدة تحت الإشعاع العالي.
وإن التعرض للإشعاع أدى إلى تحفيز أكثر من 2800 جين في هذا النوع، والتي ترتبط بإصلاح الحمض النووي، وانقسام الخلايا، وتنظيم الهرمونات، والوظيفة المناعية، وينتج أحد الجينات الرئيسية، المسمى DODA1، أصباغ مضادة للأكسدة تُعرف باسم البيتالين، وتساعد هذه الأصباغ في تحييد أنواع الأكسجين التفاعلية الضارة الناتجة عن الإشعاع، وبالتالي حماية خلايا بطيئات الخطو من التلف التأكسدي، وفي إحدى التجارب، أظهرت الخلايا البشرية المعالجة بهذه البيتالين قدرة أعلى بكثير على مقاومة الإشعاع من الخلايا غير المعالجة، مما يشير إلى تطبيقات محتملة في حماية البشر من الإشعاع.
وإن سمعة بطيئات الخطو كواحدة من أقوى مخلوقات الأرض تستحقها بجدارة، خاصة بالنظر إلى سجلها في الفضاء، وفي عام 2007، تم إطلاق حوالي 3000 بطيئات الخطو في مدار أرضي منخفض على متن كبسولة روسية غير مأهولة، مما يمثل المرة الأولى التي يتعرض فيها الحيوانات عمداً لفراغ الفضاء، ولقد تعرضوا للظروف القاسية في الفضاء الخارجي لمدة 10 أيام، حيث نجا حوالي 68٪ منهم وحتى تكاثروا بعد ذلك، وقد أجريت تجربة مماثلة في عام 2011، عندما حملت مركبة الفضاء إنديفور التابعة لوكالة ناسا دببة الماء إلى الفضاء مرة أخرى، مؤكدة قدرتها على تحمل الفراغ والإشعاع في الفضاء.
ويعتقد العلماء أن فهم الآليات الوقائية الفريدة لدببة الماء يمكن أن يكون له فوائد بعيدة المدى، وخاصة في تطوير استراتيجيات لحماية رواد الفضاء في مهام الفضاء الطويلة الأمد، وتنطوي الرحلات الفضائية على مستويات عالية من الإشعاع الكوني، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالحمض النووي وتزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان، ومن خلال دراسة كيفية إصلاح الأنظمة الجينية لدببة الماء لأضرار الإشعاع، يأمل الباحثون في اكتشاف أساليب جديدة لحماية الخلايا البشرية من هذه التأثيرات.
وعلاوة على ذلك، فإن اكتشاف أصباغ مضادة للأكسدة في دببة الماء يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث السرطان من خلال توفير رؤى حول حماية الخلايا السليمة أثناء العلاج الإشعاعي، وهو علاج شائع للسرطان يلحق الضرر أيضاً بالأنسجة السليمة المحيطة، وبعيداً عن التطبيقات الطبية، توفر الآلية الخلوية القوية لدببة الماء رؤى قيمة حول قدرة الحياة على التكيف.
ويمكن للجينات والبروتينات المشاركة في استراتيجيات البقاء على قيد الحياة أن تفيد في تصميم المواد والتقنيات القادرة على الصمود في مواجهة الظروف البيئية القاسية على الأرض وفي الفضاء، ولقد وسعت بطيئات الخطو في الأساس من فهمنا لإمكانات علم الأحياء، مما يشير إلى أن الحياة قد توجد في بيئات قاسية أخرى داخل نظامنا الشمسي، مثل المريخ أو في المحيطات الجليدية لقمر المشتري أوروبا.