لعقود من الزمن، تخيلنا المشهد الأحمر القاتم لكوكب المريخ، ولكن الأبحاث الحديثة كشفت عن ظاهرة مدهشة: تساقط الثلوج، في حين أن الصقيع شائع على الكوكب الأحمر، فإن تساقط الثلوج الفعلي هو مشهد نادر وجذاب، والآن، قام العلماء بتحليل لقطات نادرة تم التقاطها خلال شتاء المريخ، مما يوفر لمحة عن هذا الحدث الاستثنائي.

ويشهد المريخ الشتاء مرة واحدة فقط كل عام مريخي، وهو ضعف عام الأرض، وخلال هذه الفترة الباردة، تنخفض درجة الحرارة المتوسطة إلى -65 درجة مئوية (-85 درجة فهرنهايت) شديدة البرودة، وعند القطبين، يمكن أن تنخفض أكثر إلى -123 درجة مئوية (-190 درجة فهرنهايت).

وعلى عكس رقاقات الثلج الرقيقة على الأرض، فإن ثلج المريخ فريد من نوعه، واكتشف الباحثون أنه يسقط على شكل مكعبات صغيرة وينزل ليس كزخات، ولكن كضباب كثيف، وهذه الخاصية المميزة ترجع إلى تكوين ثلج المريخ: الجليد الجاف، أو ثاني أكسيد الكربون المجمد، وإن جليد ثاني أكسيد الكربون له تناظر رباعي، مما ينتج عنه رقائق على شكل مكعب أصغر بكثير من عرض شعرة الإنسان، بحجم خلية الدم الحمراء تقريبًا.

وتم تحقيق هذا الاكتشاف بفضل البيانات من بعثات مختلفة، بما في ذلك مسبار مناخ المريخ، الذي قدم معلومات حاسمة حول حجم وشكل جزيئات الجليد، وفي حين تم اكتشاف الصقيع على المريخ لأول مرة في سبعينيات القرن العشرين بواسطة مركبات الهبوط فايكنج التابعة لوكالة ناسا، لم يتم تأكيد تساقط الثلوج الفعلي حتى عام 2003، وجاء هذا التأكيد من خلال استخدام أدوات متخصصة قادرة على اكتشاف الضوء غير المرئي للعين البشرية.

وتم جمع المزيد من الأدلة على تساقط الثلوج على المريخ بواسطة مركبة الاستطلاع المريخية، التي لاحظت تساقط ثلوج ثاني أكسيد الكربون على الأرض، وفي عام 2008، اكتشفت مركبة الهبوط فينيكس التابعة لوكالة ناسا، التي تقع على بعد حوالي 1000 ميل من القطب الشمالي، تساقط ثلوج جليدية مائية باستخدام أداة ليزر.

وتوفر هذه اللقطات النادرة دليلاً مقنعًا على أنماط الطقس الديناميكية على المريخ وترسم صورة لكوكب بمناخ أكثر تعقيدًا مما كان متصورًا في السابق، ورغم أن الغطاء الجليدي السميك الذي يستمر على مدار العام، وخاصة في مناطق مثل فوهة كوروليف، قد يستحضر صور المتزلجين على الجليد على المريخ في المستقبل، فإن الظروف القاسية والطبيعة الفريدة للثلوج المريخية تجعلها ظاهرة من الأفضل ملاحظتها من بعيد.