كشفت دراسة رائدة عن الغموض الكامن وراء كيفية تشكل رواسب الذهب وانتقالها إلى سطح الأرض في المناطق البركانية، وخاصة حول "حلقة النار" في المحيط الهادئ، ومن خلال تحديد مركب معقد جديد من الذهب والكبريت، قدم الباحثون أدلة دامغة لتفسير هذه العملية الجيولوجية.

وتنشأ رواسب الذهب الموجودة بالقرب من البراكين في "حلقة النار" في المحيط الهادئ في أعماق وشاح الأرض، وهنا، يتم حمل الذهب إلى الأعلى عبر الحمم البركانية إلى السطح، ومع ذلك، فإن الآلية وراء هذا النقل كانت موضع نقاش بين الجيولوجيين لعقود من الزمان، ويحل البحث الجديد هذا النقاش من خلال الكشف عن دور مركب الذهب والكبريت الثلاثي في ​​تسهيل حركة الذهب من الوشاح إلى السطح.

وباستخدام النمذجة الرقمية المتقدمة، أثبت فريق البحث أن الذهب يرتبط بالكبريت لتكوين مركب يسمى ثلاثي كبريتيد الذهب تحت ضغوط ودرجات حرارة محددة في مناطق الاندساس، وهذا المركب يتحرك بشكل كبير في الصهارة، مما يسمح بنقل الذهب إلى سطح الأرض أثناء النشاط البركاني.

ويسلط آدم سيمون، أستاذ علوم الأرض والبيئة في جامعة ميشيغان، الضوء على أهمية هذا الاكتشاف:"النموذج الديناميكي الحراري الذي طورناه هو الأول الذي يشرح بشكل مقنع كيف يتشكل كبريتيد الذهب تحت ظروف محددة في الوشاح، مما يلقي الضوء على تراكم الذهب في بيئات منطقة الاندساس."

وتوجد رواسب الذهب البركانية عادة في مناطق الاندساس، حيث تتقارب صفيحتان تكتونيتان، وتضطر إحدى الصفيحتين إلى الانغماد تحت الأخرى، وعلى سبيل المثال، تقع صفيحة المحيط الهادئ تحت الصفائح المحيطية والقارية، وتشكل مناطق الاندساس التي تستضيف العديد من البراكين النشطة.

وإن المناطق المحيطة بحلقة النار في المحيط الهادئ، مثل نيوزيلندا وإندونيسيا والفلبين واليابان وروسيا وألاسكا والولايات المتحدة الغربية وكندا، هي نقاط ساخنة لهذه العمليات الجيولوجية، كما أن نفس القوى المسؤولة عن الانفجارات البركانية تؤدي أيضًا إلى تكوين رواسب الذهب.

ويفضل الذهب البقاء في وشاح الأرض، ولكن في ظل الظروف المثالية، يرتبط بأيونات الكبريت الثلاثي من الصفائح المحيطية المندسة لتكوين كبريتيد الذهب، هذا المركب متحرك بشكل خاص في الصهارة، مما يتيح نقل الذهب إلى سطح الأرض أثناء الانفجارات البركانية، ولقد عرف العلماء منذ فترة طويلة أن الذهب يتفاعل مع أيونات الكبريت، لكن هذه الدراسة تقدم أول نموذج ترموديناميكي شامل لدور وأهمية كبريتيد الذهب الثلاثي.

وهذا الاكتشاف له آثار كبيرة على استكشاف المعادن، ومن خلال فهم الظروف التي تؤدي إلى تراكم الذهب، يمكن للعلماء تحديد المواقع المحتملة لرواسب الذهب الغنية بشكل أفضل، وقد يؤدي هذا إلى تحسين استراتيجيات الاستكشاف وإطلاق العنان لفرص جديدة للتعدين في المناطق البركانية.