Doomsday
في السادس والعشرين من ديسمبر 2004، شهد المحيط الهندي واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في التاريخ المسجل، وهو الحدث الذي بلغ من الكارثة حداً جعله معروفاً باسم "قيامة المحيط الهندي"، فقد ضرب زلزال قوي بلغت قوته بين 9.2 و9.3 درجة على مقياس ريختر الساحل الغربي لإقليم آتشيه في شمال سومطرة بإندونيسيا، في الساعة 7:59 صباحاً بالتوقيت المحلي، وقد تسبب هذا الزلزال، الذي يعد واحداً من أشد الزلازل المسجلة على الإطلاق، في حدوث تسونامي هائل تسبب في دمار وخسائر في الأرواح لا يمكن تصورها.
وقد أودى الزلزال بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص، على الرغم من أن العدد الدقيق لا يزال غير مؤكد، وقد جرفت أمواج تسونامي الشاهقة العديد من الضحايا، وفقد المحيط أجسادهم، وقد أثرت الكارثة على 18 دولة، بما في ذلك سريلانكا وتايلاند والهند وإندونيسيا ومدغشقر وسيشل وجنوب أفريقيا وكينيا، وقد وصلت قوة الأمواج إلى أستراليا، على بعد 6900 كيلومتر، مما تسبب في أضرار على الشواطئ البعيدة.
وقد أدت أمواج تسونامي، التي تجاوز ارتفاع بعضها 15 متراً، إلى محو مجتمعات ساحلية بأكملها، ومحت علامات الحياة من الجزر القريبة ونشر الدمار عبر مسافات شاسعة، وقد سلط هذا الحدث المأساوي الضوء على القوة المدمرة للنشاط الزلزالي تحت الماء، وقد نشأ الزلزال على عمق 30 كيلومتراً تحت سطح المحيط في "حلقة النار في المحيط الهادئ"، وهي المنطقة المسؤولة عن 80% من زلازل العالم.
ولفهم حجم الكارثة الهائل، قدر الخبراء الطاقة المنبعثة من أمواج تسونامي بما يعادل 5 ميغا طن من مادة تي إن تي - وهو ما يقارن بالقوة المجمعة لجميع الانفجارات خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك القنابل الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناجازاكي، ولم يكن لدى الضحايا فرصة كبيرة للنجاة، حيث تم القبض عليهم على حين غرة، وقبل عام 2004، كان مصطلح "تسونامي" غير مألوف للكثيرين، لكن هذه الكارثة جلبته إلى الوعي العالمي.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، التي شملت أكثر من ربع مليون حالة وفاة مؤكدة وما يصل إلى مائة ألف مفقود، كانت الأضرار المادية هائلة، وقُدِّرَت بمليارات الدولارات، ووصفت الأمم المتحدة جهود الإنقاذ والتعافي بأنها الأكثر تكلفة في تاريخ البشرية، ولقد غيرت الكارثة حياة الملايين من البشر، وأكدت على ضعف البشرية في مواجهة الظواهر الطبيعية التي لا تزال غير متوقعة إلى حد كبير.
ومن اللافت للنظر أن الحيوانات والطيور في المناطق المتضررة بدت وكأنها تشعر بالخطر الوشيك فهربت إلى الداخل قبل أن يضربها تسونامي، في حين ظل البشر غير مدركين للكارثة الوشيكة، وقد أكدت هذه الملاحظة الغريبة على الحاجة إلى تحسين أنظمة الإنذار المبكر للتخفيف من تأثير مثل هذه الكوارث في المستقبل.
وبعد عشرين عاماً من "يوم القيامة"، كما يشير كثيرون إلى الحدث، لا يزال العالم يتأمل الدروس المستفادة من زلزال المحيط الهندي وتسونامي، ويظل هذا الحدث بمثابة تذكير قاتم بالقوى الطبيعية الهائلة التي يمتلكها الكوكب وأهمية الاستعداد العالمي لمواجهة التهديدات غير المتوقعة في المستقبل.