
Mars
المريخ، الذي يشار إليه غالبًا باسم الكوكب الأحمر، لا يزال يأسر العلماء بإمكاناته في الكشف عن أدلة حول وجود الماء وإمكانية الحياة، وقدمت الملاحظات الأخيرة لكثبان الرمل المتجمدة على المريخ رؤى حول مناخ الكوكب في الماضي وصلاحيته للسكن، وتقدم هذه النتائج، المدعومة ببيانات من مركبة استطلاع المريخ التابعة لوكالة ناسا، وجهات نظر جديدة حول التاريخ البيئي للمريخ والظروف التي ربما دعمت ذات يوم الحياة الميكروبية.
وفي عام 2022، التقطت مركبة استطلاع المريخ التابعة لوكالة ناسا صورًا لكثبان رملية متجمدة في نصف الكرة الشمالي من المريخ، وهذه التكوينات، على عكس كثبان الصحراء المتغيرة باستمرار على الأرض، محصورة في مكانها تحت طبقة من صقيع ثاني أكسيد الكربون خلال فصل الشتاء المريخي، ويوقف الصقيع حركة حبيبات الرمل، مما يسمح للباحثين بدراسة كيفية تأثير التغيرات الموسمية على سطح المريخ.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في الربيع، يتسامى الصقيع، ويطلق الكثبان الرملية من قبضتها الجليدية، وتقدم هذه الدورة الموسمية فرصة فريدة لفهم كيفية تطور سطح الكوكب وتفاعله مع بيئته.
ويلعب صقيع ثاني أكسيد الكربون دورًا حاسمًا في تشكيل ديناميكيات سطح المريخ، وعلى عكس الأرض، حيث تتحرك الكثبان الرملية بحرية تحت تأثير الرياح، تظل الكثبان المريخية ثابتة خلال فصل الشتاء بسبب طبقة الصقيع، وتوفر هذه الظاهرة بيئة مستقرة للباحثين لفحص الأنماط الموسمية للمريخ والآثار المترتبة على تاريخ مناخه.
ويؤثر ميل محور المريخ، الذي يختلف كثيرًا عن محور الأرض، بشكل كبير على دوراته الموسمية، وعلى مدى ملايين السنين، ربما أدت فترات الميل الأعلى إلى وجود غلاف جوي أكثر سمكًا، مما يسمح بوجود الماء السائل على سطح الكوكب.
وتساعد دراسة هذه الكثبان المغطاة بالصقيع العلماء على استكشاف ما إذا كان المريخ قد امتلك ذات يوم مياه سائلة لفترة كافية لدعم الحياة، وعلى الرغم من أن الصقيع نفسه يتكون من ثاني أكسيد الكربون وليس الماء، إلا أن وجوده مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالماضي المناخي للكوكب.
وتشير التحولات المحورية الدرامية التي يشهدها كوكب المريخ إلى أن الكوكب ربما شهد في بعض الأحيان ظروفًا مواتية لوجود الماء السائل، ويدعم هذا الدليل النظرية القائلة بأن المريخ ربما كان صالحًا للسكن في الماضي ويثير احتمال وجود حياة ميكروبية لا تزال موجودة تحت سطحه.
وتوفر الدراسة الجارية لدورات الصقيع بثاني أكسيد الكربون رؤى قيمة حول التغيرات البيئية التي مر بها المريخ بمرور الوقت، ومن خلال فهم أنماط الصقيع هذه وارتباطها بالمياه السائلة، يأمل الباحثون في اكتشاف المزيد حول قابلية الكوكب للسكن، ويعمل هذا البحث على تعميق فهمنا لتطور مناخ المريخ وإمكاناته لدعم الحياة، وإن اكتشاف ما إذا كان المريخ قد امتلك الظروف اللازمة للحياة سيكون خطوة رائدة في علم الأحياء الفلكي، وتوسيع معرفتنا بالحياة خارج الأرض.