Machines

في مراجعة بحثية حديثة، قدم جهد تعاوني بين الباحثين الدنماركيين والأمريكيين رؤى حول التطور المحتمل للكائنات الخلوية الاصطناعية على نطاق النانو، وتتصور هذه الدراسة الرائدة دمج المكونات الحية وغير الحية داخل آلات صغيرة الحجم نانوية، ولوضع مقياس النانو في منظوره الصحيح، فإن النانومتر الواحد يساوي جزءًا من المليار من المتر، حيث تظهر حتى خلية الدم الحمراء كهيكل ضخم يزيد عرضه عن 100000 متر ويتكون من طوابق متعددة، عند النظر إليها من وجهة نظر بحجم نانومتر.

وتستكشف الدراسة، المفصلة في مجلة Cell Reports Physical Sciences، في المقام الأول الحالة الحالية للأبحاث في مجال الهياكل النانوية الهجينة للببتيد والحمض النووي، وهو نظام ناشئ له أقل من عقد من التاريخ، والهدف الشامل في هذا المجال هو خلق أشكال الحياة الاصطناعية مع تطبيقات في تشخيص الأمراض وعلاجها، ويتوقع الباحثون في هذا المجال تصميم مضادات فيروسية تستهدف الأمراض التي تفتقر إلى مضادات طبيعية.

Message Dialog

ومن المعتقد أن هذه التكنولوجيا قد تصبح متاحة في غضون العقد المقبل، مما يتيح نشر الروبوتات النانوية المحملة بالأدوية أو أدوات التشخيص مباشرة في جسم المريض، واثنان من الجزيئات الحيوية الأكثر حيوية في الطبيعة، الحمض النووي والببتيدات (البروتينات الصغيرة)، هما في طليعة تكنولوجيا النانو الحديثة، ويعملان كأدوات جزيئية قوية.

وقد نجح الباحثون في هذا المجال بالفعل في هندسة الدوائر الجينية، وهي عبارة عن مزيج من الجينات والببتيدات (البروتينات الصغيرة)، مقترنة بعمليات حاسوبية منطقية، وقد سمح لهم هذا النهج المبتكر بالتعامل مع الكائنات الحية، مثل البكتيريا أو الفيروسات، لأغراض عملية مختلفة، بما في ذلك تطوير الأدوية، وإنتاج الوقود، والاستشعار البيئي، والمعالجة البيولوجية.

يمكن إستخدام الروبوتات النانوية لحمل الادوية أو العناصر التشخيصية

وحدث تقدم كبير عندما نجح باحثون، مثل هانبين ماو من جامعة كينت وتشينغوانغ لو من جامعة جنوب الدنمارك (كلاهما مساهمان في الدراسة الأخيرة)، في ربط هياكل الحمض النووي والببتيد، وأدى هذا الإنجاز إلى إنشاء جزيء هجين اصطناعي، مستفيدًا من برمجة الحمض النووي وتعدد وظائف الببتيدات، ويمتلك هذا الجزيء القدرة على تطوير بروتينات صناعية أكثر استقرارًا وموثوقية، مما يسلط الضوء على حالات مثل مرض الزهايمر، والذي ينجم عن خلل في الببتيدات.

وعلاوة على ذلك، قام الباحثون في جامعة أكسفورد ببناء آلة نانوية مكونة من الحمض النووي والببتيدات، قادرة على اختراق أغشية الخلايا لإنشاء قنوات صناعية لمرور جزيئات الدواء الصغيرة، ويفتح هذا الاكتشاف الثوري آفاقًا جديدة لتوصيل الأدوية والتلاعب بالخلايا، وباختصار، يشير البحث إلى أن هذه المساعي تحمل وعدًا بتعزيز قدرات المجتمع التشخيصية والعلاجية.

وبالنظر إلى المستقبل، يبدو أن بناء خلايا اصطناعية باستخدام هذه العناصر الأساسية أمر ممكن، وإن عصر الآلات الجزيئية ذات الحجم النانوي لم يعد نظريا، بل أصبح واقعا ملموسا، وكدليل على ذلك، مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2016 لتطوير جزيئات جزيئية يمكن التحكم فيها، وتحفيز التطبيقات في علاج الأمراض، وتكنولوجيا الاستشعار، وأنظمة تخزين الطاقة، ولقد بدأت الرحلة نحو تسخير إمكانات هذه الآلات الجزيئية، لتشكل مستقبلًا قد تُحدث فيه الحلول المبتكرة والعلاجات الجديدة ثورة في مختلف جوانب العلوم والطب.



إقراء إيضاً : من الخيال! .. شركة آيسلندية تطور درون تجسس على شكل طائر ... متابعة القراءة