Bangea

تميز التاريخ الجيولوجي للأرض بتكوين وتفكك القارات العظمى، مع آثار كبيرة على بنية وتكوين وشاح الكوكب، وتسلط دراسة جديدة الضوء على كيفية تأثير تفكك قارة بانجيا العظمى على وشاح الأرض، مما يبرز تعقيدها وتقسيمها إلى أقسام مميزة، ويعكس هذا التقسيم المراحل القديمة من تطور القارات ويقدم رؤى حول كيفية تشكيل العمليات الجيولوجية لكل من الوشاح العميق والضحل على مدى مليارات السنين.

ولا يشكل وشاح الأرض كتلة موحدة ولكنه مقسم إلى أقسام تكشف الكثير عن تاريخ الكوكب، ويتميز هذا التقسيم بشكل بارز بالتباين بين المجالين الأفريقي والهادئ، ويمتد المجال الأفريقي على مساحة شاسعة من الساحل الشرقي لآسيا وأستراليا، عبر أوروبا وأفريقيا والمحيط الأطلسي، إلى الساحل الغربي لأمريكا الشمالية، ومن ناحية أخرى، يشمل مجال المحيط الهادئ منطقة المحيط الهادئ.

Message Dialog

وأظهرت الأبحاث أن الوشاح الموجود أسفل المجال الأفريقي يحتوي على تنوع أكبر من العناصر والنظائر مقارنة بالمجال الهادئ، مما يشير إلى تاريخ معقد مرتبط بتكوين وتفكك القارات العظمى، وهذا الانقسام له جذوره في النشاط المرتبط بحلقة النار في المحيط الهادئ، وهي منطقة تشتهر بأحداثها الزلزالية والبركانية المكثفة.

وتتبعت الدراسة تطور القارات على مدى مليار عام، مع التركيز على القارات العظمى مثل رودينيا وبانجيا، وتشكلت رودينيا منذ حوالي 1.2 مليار سنة وانفصلت منذ حوالي 750 مليون سنة، بينما تشكلت بانجيا منذ حوالي 335 مليون سنة وبدأت في الانفصال منذ حوالي 200 مليون سنة.

وأوضح لوك دوسيت، زميل أبحاث أول في علوم الأرض والكواكب في جامعة كيرتن في أستراليا، أن العمليات التي لوحظت في الوشاح اليوم تعكس التحولات التي حدثت خلال هذه الفترات من تكوين وتفتت القارات العظمى، وأثر اندماج وتفكك هذه الكتل الأرضية على التركيب الجيولوجي للوشاح، مما أدى إلى تغيير بنيته وتركيبته الكيميائية.

وتعتبر عملية الاندساس واحدة من العمليات الرئيسية التي تساهم في انقسام الوشاح، حيث تنزلق القشرة المحيطية تحت الصفائح القارية، وغالباً ما تسحب هذه الآلية، التي لعبت دوراً أثناء تقارب وانفصال القارات العظمى، أجزاء من الصخور القارية إلى الوشاح، ونقل هذا العمل عناصر ونظائر مختلفة من القشرة القارية إلى عمق الوشاح تحت القارة العظمى المتنامية.

ووصف دوسيت هذه الظاهرة بأنها خلقت "تأثير القمع"، حيث أصبحت العناصر مركزة تحت القارة العظمى، وساعدت عملية النقل هذه في تكوين تركيبة مميزة للوشاح استمرت حتى بعد تفكك بانجيا.

وفي عملهم الأخير، ركز دوسيت وفريقه على تركيبة الصهارة الضحلة للوشاح، وبناءً على دراسة أجريت عام 2020 حللت الصهارة الموجودة في الوشاح العميق، وفحصت هذه الدراسة 3983 عينة تم جمعها من التلال الموجودة في منتصف المحيط حيث تتباعد الصفائح التكتونية وترتفع الصهارة لتكوين صخور بركانية تسمى البازلت، وباستخدام التعلم الآلي، قارن الباحثون البيانات الكيميائية والنظيرية لهذه البازلت، ووجدوا دليلاً واضحاً على الانقسام بين نطاقات الوشاح الأفريقي والهادئ.

وكشفت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Geoscience، أن التوقيعات الأولية والنظيرية التي تم إنشاؤها أثناء تكوين وتفكك القارات العظمى محفوظة في كل من الوشاح العميق والضحل، ويوفر هذا البحث رؤى جديدة حول الطرق التي تتصل بها عمليات الوشاح بسطح الأرض ويسلط الضوء على كيفية لعب الصفائح التكتونية دوراً في تدوير العناصر الأساسية مثل الكربون والزنك - مفتاح الحياة على الأرض.

وتؤكد النتائج على التأثير العميق الذي أحدثته دورات القارات العظمى على وشاح الأرض والتاريخ الجيولوجي، ولقد ترك تفكك قارة بانجيا، على وجه الخصوص، آثاراً دائمة في الوشاح تستمر في التأثير على بنيته وسلوكه، ويقدم هذا الفهم المحسن لديناميكيات الوشاح معلومات قيمة حول كيفية تأثير العمليات الجيولوجية على الكوكب والمساهمة في إعادة تدوير العناصر الحيوية، مما يلقي الضوء على العلاقة المعقدة بين النشاط الجيولوجي للأرض وتطور الحياة.



إقراء إيضاً : الخبير الهولندي الشهير يحذر من زلزال قوي ويحدد تاريخه.. فيديو .. متابعة القراءة