تم القبض على بافيل دوروف، الرئيس التنفيذي ومؤسس تيليجرام، في فرنسا وسط مزاعم بأنه فشل في إدارة محتوى التطبيق بشكل صحيح، مما سمح باستخدامه في أنشطة غير قانونية، وأثار هذا الحادث جدلاً كبيراً حول قضايا إدارة المحتوى وحرية التعبير ومسؤوليات منصات التواصل الاجتماعي.
وتم الاعتقال في مطار لو بورجيه، شمال باريس مباشرة، بعد هبوط طائرة دوروف الخاصة، واتهم المسؤولون الفرنسيون دوروف بعدم بذل ما يكفي من الجهد للحد من الأنشطة غير القانونية على تيليجرام، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات واستغلال الأطفال والاحتيال، ويمثل هذا حالة نادرة حيث تم القبض على الرئيس التنفيذي لشركة وسائل التواصل الاجتماعي بسبب قضايا إدارة المحتوى.
ويسمح تيليجرام، الذي يضم أكثر من 900 مليون مستخدم حول العالم، بمجموعات وقنوات كبيرة، والتي يمكن استخدامها لنشر المعلومات بسرعة ولجمهور عريض، وفي حين أن هذه الميزة جعلت تيليجرام شائعاً، إلا أنها جعلت التطبيق أيضاً هدفاً للنقد فيما يتعلق بقدرته على التحكم في المحتوى الضار.
وتزعم السلطات الفرنسية أن تيليجرام أصبح مركزاً للأنشطة غير القانونية بسبب جهود الاعتدال غير الكافية، وواجه التطبيق مزاعم بتسهيل الاتجار بالمخدرات وتوزيع محتوى جنسي للأطفال وأنشطة إجرامية أخرى، وعلى الرغم من هذه المزاعم، نفت تيليجرام أي إخفاقات في ممارسات الاعتدال الخاصة بها، مشيرة إلى أن الشركة تسعى جاهدة للامتثال للمتطلبات القانونية والحفاظ على بيئة آمنة لمستخدميها.
وكان موقف الشركة هو أنها ملتزمة بالخصوصية والأمان، الأمر الذي وضعها غالباً في خلاف مع الحكومات المختلفة التي تطالب بمزيد من الوصول إلى بيانات المستخدم وضوابط أكثر صرامة للمحتوى.
وأدى اعتقال دوروف إلى مجموعة من ردود الفعل الدولية، وأعربت السفارة الروسية في فرنسا عن مخاوفها بشأن الاعتقال وطالبت بتوضيح من السلطات الفرنسية، مؤكدة على ضرورة حماية حقوق دوروف، وتساءلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عما إذا كانت منظمات حقوق الإنسان الغربية ستدافع عن دوروف، وقارنت الموقف بالانتقادات الموجهة إلى الإجراءات الروسية ضد تيليجرام في الماضي.
وكما ألقى شخصيات عامة الضوء على هذه القضية، فقد أدان إدوارد سنودن، المخبر الأمريكي، الاعتقال، ووصفه بأنه هجوم على حقوق الإنسان الأساسية، وانتقد الحكومة الفرنسية، وخاصة الرئيس إيمانويل ماكرون، لما وصفه بـ "احتجاز الرهائن" للوصول إلى الاتصالات الخاصة، كما كان إيلون ماسك، مالك X (تويتر سابقاً)، صريحاً على وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدماً علامات تصنيف مثل #freepavel لجذب الانتباه إلى الموقف.
ويزعم منتقدو Telegram أن أحجام مجموعاتها الكبيرة، والتي يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 200000 عضو، تجعل من السهل انتشار المحتوى الضار، وفي حين اتخذت Telegram خطوات لإزالة بعض المجموعات الإشكالية، فإن جهودها في الاعتدال تعتبر أضعف مقارنة بمنصات التواصل الاجتماعي الرئيسية الأخرى.
ويقيم بافيل دوروف، الذي ولد في روسيا، الآن في دبي، حيث يقع المقر الرئيسي لـ Telegram، وهو يحمل جنسية مزدوجة في الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، وكان لـ Telegram تاريخ مثير للجدل، وخاصة فيما يتعلق بخصوصية البيانات والتحكم في المحتوى، وفي عام 2018، تم حظر التطبيق في روسيا بعد أن رفض دوروف تقديم بيانات المستخدم للحكومة، على الرغم من رفع الحظر في عام 2021، وسلطت هذه الحادثة الضوء على التوتر المستمر بين دوروف والحكومات المختلفة بشأن التوازن بين خصوصية المستخدم والامتثال التنظيمي.